لم تكن مشكلة أن يعلن كاتب وممثل المسلسل الفلسطيني «وطن ع وتر» أن مخرجاً عربياً كتب على صفحته في «فايسبوك» بعد مشاهدته احدى حلقات المسلسل بحلته الجديدة أن عماد فراجين قد يكون أفضل «ستاند أب» كوميدي عربي. مواقع التواصل الاجتماعي تغص بترشيحات من كل نوع، وليس مستهجناً في ظل هذه الفوضى التي توفرها مثل هذه المواقع أن تضيع كثير من الأحكام النقدية وتفقد بوصلتها، فلا يعود هناك مكان للحكم أو التمييز أو النقد بكل أشكاله. مشكلة المسلسل الفلسطيني، وهذه مسألة لم يفهمها القائمون عليه، إنه يعاند الكوميديا حين يصر عليها، فلم يعد هذا النوع مجرد مسألة تقليد لشخصيات بعينها. لا يكفي أن تتوجه حلقة أو مجموعة من الحلقات إلى محاكاة هذه الشخصيات بطريقة تخلط بين الهزل والتهريج لمجرد أنها تحتل موقعاً أو مكانة سياسية أو اجتماعية، حتى نسلم بوجود كوميديا فلسطينية ناجزة على أرض رجراجة ورمال محيطية متحركة، كتلك التي تغص بها الأراضي الفلسطينية، مع ما يعني ذلك من تعقيدات، لا يمكن أن تحدث إلا هناك. ففراجين نفسه يقول إن شخصيات فلسطينية مسؤولة كانت تتصل به في أوقات سابقة، ليعينها على تقليد شخصيات منافسة، بغية التقليل من شأنها، كما يبدو. حتى منع عرض المسلسل على فضائية فلسطين في وقت سابق لم يكن ممكناً اعتباره حينها اعتداء على حرية الرأي. لم يكن الأمر كذلك. وحتى لو سلمنا بأن «وطن ع وتر» دخل في حالة مواجهة مفتوحة مع شخصيات من السلطة الفلسطينية أو غيرها، والتوصيف ليس صحيحاً طبعاً، فإن حالة الشطط الدرامي التي بلغها المسلسل في التقليد والتهريج والابتذال لم يكن ممكناً أن تعين على الدفاع عنه. يغفل كاتب المسلسل وممثله أن الحالة التي بلغها عمله لا يمكن تجاهلها على أرضية صناعة الدراما الفلسطينية، وهي صناعة غير متوافرة، أقله حتى الآن، وأن النفخ في القرب المثقوبة التي قد تمثلها مواقع التواصل الاجتماعي، قد لا يغني أو يسمن من جوع. فما بين صوت مخرج عربي واحد قرر عبر صفحته الشخصية أن يعلق وساماً - وهذا شأن شخصي صرف - من نوع ما على صدر هذا الممثل أو تلك الممثلة، وبين الادّعاء أن ملايين المشاهدات سجلتها هذه المواقع في متابعة هذا المسلسل أو ذاك، ثمة فرق غير شاسع البتة، إن أخذنا في الاعتبار أحياناً، أن موقع «فايسبوك» سجّل وجود 83 مليون صفحة مزيفة كما أعلن القائمون عليه أخيراً. وإن افترضنا أن عدد الذين يملكون حسابات على الصفحة الزرقاء بلغ بليوناً، فإن كل واحد من عشرة مشتركين – تقريباً – قد يملك مثل هذه الصفحة.