انتشل القضاء التركي «كردستان» من معجم الإهانات الموجهة الى قومية البلاد، واعترف بها اسماً لمواطِنة بعد عقود من انكار الكلمة، ونبذ مستخدميها في الداخل والخارج. وحصل ذلك عبر سماح محكمة النقض، أعلى مرجع قضائي في تركيا، بتسمية الزوجين يونس وأليف طوبراك مولودتهما الجديدة «كردستان»، رغم اعتراض دائرة النفوس ورفض محكمة إدارية سابقاً الاسم. القصة بدأت في آب (أغسطس) 2011 حين ولدت طفلة الزوجين طوبراك، وأصرّ والدها على تسميتها كردستان، تيمناً بحلّ سلمي للقضية الكردية في تركيا. وأصدرت دائرة النفوس شهادة ميلاد بالاسم، لكنها تنبهت لاحقاً الى أن كردستان من الأسماء الممنوعة في تركيا، فطالبت بتغييره وإعادة شهادة الميلاد. وفي مواجهة رفض الوالد، لجأت دائرة النفوس الى المحكمة التي قضت بأن «كردستان اسم أجنبي يحمل اهانة الى الطفلة والمجتمع التركي». كما أمرت بتسمية الطفلة «هيلين»، الأمر الذي لم يعجب الأب فأصرّ على استكمال الاجراءات القضائية، بمساندة أهل قريته في أورفه (جنوب شرقي البلاد) ذات الغالبية الكردية. وقضت محكمة النقض بأن «لا ضرر من ان يحمل مواطن تركي اسماً أجنبياً»، مقرّة بأنها لا تستطيع أن ترفض اسماء يختارها أب لأولاده، فأبطلت قرار المحكمة الادارية وأعادت شهادة ميلاد «كردستان» الى أبويها. وسبق ان دخلت حكومات تركية في نزاعات ديبلوماسية مع بلدان اعترفت بكردستان التاريخية، أو وضعت اسمها على خرائطها للشرق الأوسط. وترفض انقرة استخدام الاسم في مراسلاتها الرسمية، باستثناء تلك الموجهة الى اقليم كردستان العراق. وتبرر عقيدة عسكرية تركية استبعاد اسم «كردستان» بأن استخدامه يدعم اتفاق سيفر الذي وقِع بعد الحرب العالمية الأولى، ونص على انشاء اقليم أو دولة كردية في المنطقة على حساب اراضٍ في تركيا والعراق. وحاول مؤسس الدولة التركية مصطفى كمال أتاتورك ورفاقه، الغاء الاتفاق عبر التفاوض مع الحلفاء بعد حرب التحرير العام 1923، وتوقيع اتفاق لوزان الذي اعترف بحدود الدولة التركية وألغى ما ورد في اتفاق سيفر، ما نسف آمال الأكراد في إنشاء كيان قومي. ويعزز قرار محكمة النقض آمال الأكراد بحل قضيتهم في تركيا قريباً، علماً ان مسيرة التسوية بدأت باتفاق أبرمه زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان مع حكومة رجب طيب أردوغان، في وقت تحولت أحلام الإكراد من انشاء دولة الى قبول حكم ذاتي أو فيديرالي في تركيا يرتبط بمناطق كردية في بلدان مجاورة، خصوصاً في العراق وسورية وايران. وعلّق نواب في حزب «السلام والديموقراطية» الكردي على قرار محكمة النقض، معتبرين إن «السلام والحل يبدوان قريبين، وخروج أوجلان من السجن والإنتقال إلى حكم ذاتي سيكونان ربما بعد الانتخابات البلدية العام المقبل»، في إشارة واضحة الى ان «كردستان» ولدت في تركيا وستكبر فيها، من دون توضيح أي «كردستان» يقصدون الأرض أم الطفلة. على صعيد آخر (أ ف ب)، عدّل البرلمان التركي، إجراءً مثيراً للجدل في اللائحة الداخلية للجيش، استخدم لتبرير انقلابَين عسكريين عامي 1971 و1980، بحجة ان «السلطات المدنية غير قادرة على الدفاع عن المبادئ الدستورية». ويُعيد التعديل الذي اقترحه حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، صوغ المادة 35 في قانون عمل الجيش، والذي صدر بعد انقلاب 1960، ونص على ان من واجب الجيش «صون الجمهورية التركية وحمايتها». وتقيّد الصياغة الجديدة تدخل القوات المسلحة عبر تحديد دورها ب «الدفاع عن المواطنين ضد التهديدات والأخطار الآتية من الخارج، والردع الفاعل والمشاركة في العمليات الخارجية التي يقرّها البرلمان». وساندت احزاب المعارضة التعديل، باستثناء حزب العمل القومي الذي اعتبر انه يُعقّد مهمة الجيش في مكافحة التمرد الكردي.