رهن رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران البت في استقالة خمسة وزراء من حزب «الاستقلال» بقرار العاهل المغربي الملك محمد السادس إعفاءهم من مهماتهم، وفق الفصل 47 من الدستور. ونُقل عنه القول في اجتماع حكومي رأسه أول من أمس، إن الوزراء كافة يمارسون مهماتهم بطريقة عادية. لكنه لم يتحدث عن الخطوات المقبلة التي يعتزمها لتأمين غالبية حكومية بعد انسحاب «الاستقلال» من الحكومة التي يقودها. ورجّحت المصادر أن يبدأ عبدالإله بن كيران مشاورات مع أكثر من طرف حزبي، لامتزاج الرأي، وإن كانت الكفّة تميل في اتجاه «تجمع الأحرار» الذي يرأسه وزير المال السابق صلاح الدين مزوار، كونه الطرف الوحيد الذي لم يُصدر موقفاً نهائياً يعارض انضمامه إلى الحكومة. ويبدو، برأي مصادر حزبية، أن رئيس الحكومة يعوّل على أخذ الضوء الأخضر من الأمانة العامة لحزبه «العدالة والتنمية»، ثم المجلس الوطني في وقت لاحق، كي لا يسقط في تناقض بين ما كان يصرّح به في وقت سابق، وما قد يكون اليوم بصدده. ورجّحت مصادر حزبية أن يتلقى بن كيران دعماً من قيادة حزبه في هذا الاتجاه، بخاصة وأن لا خيار بديلاً من جذب «تجمع الأحرار» إلى التحالف الحكومي سوى الدعوة إلى تنظيم انتخابات اشتراعية سابقة لأوانها. إلى ذلك، أعلن حزب «التقدم والاشتراكية» المشارك في الحكومة أن تقديم وزراء «الاستقلال» استقالاتهم من الحكومة شكّل «نهاية مسلسل طال أكثر من اللازم، وكان له تأثير سلبي على أداء الحكومة وعلى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد». ورأى حزب «التقدم والاشتراكية» في بيان أصدرته قيادته أن الوضع أصبح اليوم «أكثر وضوحاً»، مؤكداً استمراره في الاتجاه الذي رسمه، أي «الانتصار للمصلحة العليا للوطن والشعب». وجاء ذلك فيما تزايدت حدة الجدل بين «الاستقلال» و «العدالة والتنمية» حول وضع رئاسة مجلس النواب التي يقودها «الاستقلالي» كريم غلاب. ويطالب نواب «العدالة والتنمية» رئيس مجلس النواب بتقديم استقالته، على اعتبار أن الاتفاق على ترشيحه من طرف مكوّنات الغالبية النيابية كان في إطار وفاق سياسي غير منفصل عن توزيع الحقائب الوزارية. ويرد «الاستقلال» على طلب الاستقالة بأن كريم غلاب أصبح منتخباً، وأن القانون يمدد انتخابه لفترة ثلاث سنوات. وذهب بعض نواب الحزب إلى القول إن طلب استقالة رئيس مجلس النواب بمبرر فقدان الغالبية النيابية يشابه وضع رئيس الحكومة بن كيران الذي لم يعد يتوافر على غالبية حكومية. ويرشّح أن تتفاعل الأزمة بين الحزبين في هذا النطاق، لكن مراقبين يرون أن هناك سابقة تتمثل في كون رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) ينتسب إلى المعارضة وليس إلى الغالبية. إلى ذلك، أصدرت الأمانة العامة ل «الاستقلال» بياناً أعلنت من خلاله تعليق عضوية وزير التربية الوطنية محمد الوفا من مهماته الحزبية جراء رفضه تقديم استقالته من الحكومة على غرار الوزراء الخمسة في قطاعات المال والخارجية والطاقة والمعادن والصناعة التقليدية والجالية المهاجرة. ولم يصدر عن الوفا أي موقف في هذا النطاق، لكن مصادر رجحت بقاءه في حكومة بن كيران، في سابقة ستنزع عنه رداء الحزب في حكومة سياسية بالدرجة الأولى. وكان تيار مناهض لقيادة الأمين العام ل «الاستقلال» حميد شباط أطلق على نفسه «لا هوادة» ويقوده منافسه في الترشح للأمانة العامة عبدالواحد الفاسي، اتخذ موقفاً مغايراً للانسحاب من الحكومة. لكن الوزير الوفا لم يعلن انضمامه صراحة إلى هذا التيار.