أفسحت حكومة تصريف الأعمال المغربية بقيادة عباس الفاسي في المجال أمام الإعلان قريباً عن الفريق الحكومي الذي يقوده رئيس الحكومة المعيّن عبدالإله بن كيران. واعتبرت المصادر أن التصديق أمس على مرسوم تدبير الشؤون المالية، في ضوء تعذّر إقرار الموازنة المالية الجديدة، يزيل آخر عقبة أمام الحكومة المقبلة التي يرجّح الإعلان عنها قبل نهاية العام الجاري أو في مطلعه في حال استمر ظهور بعض الصعوبات. والثابت أن حكومة تصريف الأعمال في حضور عدد قليل من الوزراء بعد موافقة العاهل المغربي الملك محمد السادس على استقالة ما لا يقل عن عشرة وزراء انتخبوا في الاقتراع الاشتراعي في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بهدف تجاوز «حال التنافي» بين صفتهم النيابية والحكومية. وكانت الكتلة النيابية للاتحاد الاشتراكي المعارضة قد انسحبت من جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب الجديد كريم غلاب من منطلق حال التنافي مع وضعه كوزير في التجهيز والنقل. وبعد مرور ما يزيد على شهر على تعيين عبدالإله بن كيران رئيساً للحكومة المقبلة، مازالت المشاورات حول الوصفة النهائية لفريقه الحكومي تراوح مكانها. وفيما رددت أوساط أنه بصدد انتظار الضوء الأخضر من المراجع الرسمية للإعلان عن تنصيب حكومته، انبرى حزب الاستقلال قبل يومين لتأكيد وجود «صعوبات» تعتري المفاوضات حول بعض القطاعات. وأوضح أن المشاورات بدأت قبل أيام فقط «ومن الطبيعي أن يكون لكل طرف وجهة نظره في الموضوع، بل من حقه (الاستقلال) أن يدافع عن موقفه بما يحفظ وزن الحزب وقوته الانتخابية». ونفى الاستقلال الذي يتزعمه رئيس حكومة تصريف الأعمال عباس الفاسي أن تكون المشاورات حول الأسماء المرشحة لتولي المناصب الوزارية بدأت إلى حدود أول من أمس، في إشارة إلى القوائم التي تسرّبت حول تشكيلة الحكومة وعهدت وزارة الخارجية إلى رئيس المجلس الوطني ل «العدالة والتنمية» الدكتور سعد الدين العثماني والداخلية إلى زعيم «الحركة الشعبية» محند العنصر. كما تسرّب أن الحزب الإسلامي بقيادة بن كيران يريد الاستئثار بقطاعات المال والتجهيز والنقل والشؤون العامة والإعلام والثقافة والوزارة المكلفة شؤون البرلمان. لكن مراقبين يرون أن خلافات حول قطاع التجهيز والنقل قد تكون وراء استمرار المشاورات التي وصفها قيادي في «العدالة والتنمية» بأنها تمضي وفق المرسوم لها، بخاصة في ضوء الاتفاق على معاودة هيكلة بعض القطاعات وإبرام ميثاق الغالبية الحكومية التي ستضم أحزاب العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية. ورأى القيادي أن التعديلات المشتركة التي أدخلت على هندسة الحكومة لا تمس جوهر التصورات المشتركة، في إشارة إلى عدم فصل الجماعات المحلية عن وزارة الداخلية ودمج وزارة الزراعة والصيد البحري، وكذلك الدمج بين الإعلام والثقافة وبين البرلمان والمجتمع المدني. إلى ذلك، أكدت المصادر أن هناك سوابق في تأخير الإعلان عن حكومات عدة في المغرب. من ذلك، أن حكومة التناوب التي قادها زعيم الاتحاد الاشتراكي السابق عبدالرحمن اليوسفي عام 1998 استغرقت المشاورات حولها ما يزيد على شهر ونصف الشهر. لكن ذلك كان بسبب صعوبات حيازة غالبية نيابية تشكلت مما لا يقل عن سبعة أحزاب، كان بينها «العدالة والتنمية» الذي اكتفى آنذاك بمساندة الحكومة من دون المشاركة فيها. وبالقدر الذي بدا أن الطريق كانت سالكة أمام الغالبية النيابية لحكومة عبدالإله بن كيران التي تضم أربعة أحزاب فقط، بالقدر الذي اعترت المشاورات حول الأسماء المقترحة بعض الصعوبات. وأكدت أوساط قريبة إلى المشاورات أن لا وجود لأي طرف من خارج الائتلاف الحكومي يمارس أي نوع من الضغط وأن الأمر يتعلق بالتوصل إلى وفاق نهائي في غضون الساعات المقبلة.