تراجع النائب الإسلامي مصطفى الرميد رئيس الكتلة النيابية ل «العدالة والتنمية» عن استقالته من مجلس النواب، وعزا ذلك إلى رفض قيادة الحزب بالإجماع مبادرته. وجاء في بيان أن الحزب «يتمسك بالرميد عضواً قيادياً في كتلته النيابية، ويدعوه إلى عدم تنفيذ قراره بالاستقالة»، مؤكداً تضامنه وتفهمه للأسباب التي حدت به إلى ذلك. واتهم الرميد في مؤتمر صحافي السلطات بإعاقة نشاط إحساني كان يعتزم القيام به في مسقط رأسه الأسبوع الماضي. فيما ردت السلطات بأن ذلك النشاط كان يتطلب حيازة ترخيص إداري، مثل بقية التظاهرات الاجتماعية والثقافية. بيد أن الموقف ارتدى طابعاً سياسياً عبر إصدار أربع قطاعات حكومية، هي الداخلية والإعلام والصحة والتعليم، بياناً عرض إلى الملابسات التي حالت دون تنظيم ذلك النشاط، فيما أصدر مكتب مجلس النواب بدوره بياناً استنكر فيه المساس بحرمة المؤسسة الاشتراعية. ورأت مصادر في صدور ذلك البيان مؤشراً سياسياً إلى انضمام حزب «الاتحاد الاشتراكي» بقيادة زعيمه عبدالواحد الراضي، رئيس مجلس النواب، إلى توجيه الانتقاد لحزب «العدالة والتنمية» الذي كان أقام معه تحالفاً بعد انتخابات بلديات 2006. فيما اعتبر مراقبون دخول حزب «الاستقلال» و «التقدم الاشتراكية» من خلال بيان حكومي على خط المواجهة مع «العدالة والتنمية» تطوراً لافتاً، خصوصاً أن أحزاباً مثل «الأصالة والمعاصرة» و «تجمع الأحرار» و «الحركة الشعبية» و «التقدم والاشتراكية» كانت انتقدت تصريحات صدرت عن زعيم الحزب الإسلامي عبدالإله بن كيران رأى فيها أن أربعة أحزاب فقط «خرجت من رحم الشعب» واعتبرت تلك التصريحات إساءة إلى التعددية الحزبية. إلى ذلك، توقف مراقبون أمام تصريحات مصطفى الرميد التي وصف فيها برقية تعزية كان تلقاها من العاهل المغربي الملك محمد السادس في مناسبة وفاة والده بأنها «رسالة سياسية». وردت مصادر رسمية أن الرميد كثيراً ما كان يدعو إلى عدم إقحام المؤسسة الملكية في الصراعات الحزبية، مشيرة الى أن رسالة التعزية ذات بعد إنساني فقط. لكن الرميد نفى أن يكون لتلويحه بالاستقالة بُعد انتخابي، وقال «نحن موجودون ولن نغادر الساحة». فيما تمسك خصوم الحزب بأن العملية كانت «بالون اختبار» وأن قرار الاستقالة من مجلس النواب يطاول العلاقة بين النائب وناخبيه. إضافة إلى اللبس الحاصل في الربط بين «عمل إحساني صرف وعمل سياسي». واعتبرت المصادر صدور بيان من مجلس النواب «رسالة» لها كثير من الدلالات، خصوصاً أنها المرة الثانية التي يصدر فيها مثل هذا الموقف من المؤسسة الاشتراعية، الأول في مواجهة نائب من حزب «العدالة والتنمية» كان طلب «حماية السفارة الفرنسية» على إثر تداعيات انتخابات البلديات العام الماضي، والثانية تطاول تلويح النائب الرميد باستقالته. واستغربت مصادر رسمية صدور بيان من قيادة «العدالة والتنمية» حول استقالة لم تحدث، مشيرة إلى أن ذلك يعكس صراعات غير معلنة داخل الحزب الإسلامي. ولاحظت المصادر أن زعيم الحزب عبدالإله بن كيران يكاد يكون الوحيد الذي لم يحظ باستقبال العاهل المغربي بعد انتخابه على رأس قيادة الحزب. لكن الرميد قال إن بن كيران وحده المخوّل الإجابة عن هذا الاستفسار.