قدم وزراء حزب الاستقلال المغربي أمس استقالاتهم الجماعية إلى رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، بسبب خلاف على اصلاح برنامج الدعم وقضايا اخرى، ما قد يؤدي الى انهيار التحالف الحكومي الذي يقوده حزب العدالة والتنمية الاسلامي، ويضم «الحركة الشعبية» و»التقدم والاشتراكية». وأوضحت قيادة «الاستقلال» بزعامة النقابي حميد شباط أن عودة الحزب إلى المعارضة جاءت نتيجة خلافات مع رئيس الحكومة ومنهجيته في إدارة ملفات اقتصادية واجتماعية وسياسية، اتسمت بفرض هيمنة الحزب الحاكم. ورأت المصادر في تزامن الاستقالة التي جاءت في أعقاب اتخاذ «الاستقلال» قرار الانسحاب من الحكومة منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، واطاحة الرئيس المصري محمد مرسي مؤشراً الى التململ من حكم الإسلاميين، خصوصاً أن قيادة «الاستقلال» شبّهت قيادة بن كيران للحكومة بتجربة حكم مرسي. ويسود اعتقاد بأن انسحاب «الاستقلال» سيدفع رئيس الحكومة إلى خيارات صعبة، أولها السعي الى ضم شريك جديد الى حكومته الائتلافية، لا سيما بعض أحزاب المعارضة، خصوصاً «تجمع الأحرار» و»الاتحاد الدستوري» لتأمين غالبية نيابية تمكن حكومته من الاستمرار. ولا يبدو في هذا النطاق أن باقي الشركاء، مثل «الاتحاد الاشتراكي» و»الأصالة والمعاصرة» في وارد التحالف مع الحزب الإسلامي. والخيار الثاني أمام بن كيران البحث في تكريس صيغة حكومة أقلية تحظى بمساندة أحزاب أخرى لا تشارك مباشرة في الائتلاف الحاكم. وينطوي هذا الخيار على مخاطر في حال عدم الاتفاق على إجراءات قد تلتزمها حكومة بن كيران، وفي مقدمها زيادة أسعار المواد الاستهلاكية وإصلاح صندوق المقاصة المختص بدعم الدقيق والزيت والسكر ومشتقات المواد النفطية. أما الخيار الثالث فيكمن في الدعوة إلى تنظيم انتخابات اشتراعية مبكرة. ويبدو أن الظروف الراهنة التي تجتازها البلاد لا تساعد في العودة إلى صناديق الاقتراع. وتعتزم الحكومة، التي تتعرض لضغوط من صندوق النقد الدولي، اجراء خفض نسبته 20 في المئة في دعم السلع الاساسية الذي استهلك 53.36 بليون درهم من الاموال العامة أو 6.4 في المئة من الناتج القومي العام 2012 . وستسبب الاصلاحات المقرر تطبيقها بعد انتهاء شهر رمضان متاعب للأسر التي اعتادت على دعم الوقود والغاز والسكر والسلع الاساسية الاخرى. وصرح الناطق باسم حزب الاستقلال عادل بن حمزة لوكالة «رويترز» بأن «حزب العدالة والتنمية الاسلامي يريد زيادة الاسعار مما سيلحق الضرر بالفقراء»، متهماً بن كيران بأنه يتصرف وكأنه رئيس حزب سياسي وليس رئيس حكومة تمثل الشعب. ولفتت المصادر الى أن «الاستقلال» مهد لانسحابه ببدء حوار مع حليفه السابق في المعارضة «الاتحاد الاشتراكي»، ما يرجح فرضية تقوية جبهة المعارضة في مواجهة الحكومة التي يتهمها خصومها بأنها «محافظة». ويشكل انسحاب «الاستقلال» أول ضربة لحكومة بن كيران التي لم يمض على تشكيلها أكثر من عام وسبعة أشهر، بدا من خلالها أنها واجهت تململا داخليا عنيفا أكثر مما تلقته من ضربات خصومها في المعارضة. وكان «العدالة والتنمية» حاز على الصدارة في الانتخابات التشريعية نهاية العام 2011 ، ما أهله لأن يكون أول حزب إسلامي في المغرب يقود الائتلاف الحكومي. غير أن مساره تعثر كثيراً برأي أكثر من مراقب، ما حدا بالشريك الاستقلالي إلى الانسحاب.