أفادت مصادر حزبية أن مساعي رأب الصدع بين رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران وزعيم حزب الاستقلال حميد شباط وصلت إلى باب مسدود. واستدلت على ذلك برفض الحزب المشارك في الحكومة حضور اجتماع رؤساء الفرق النيابية لأحزاب الغالبية الحكومية المقرر أن يُعقد اليوم الجمعة برعاية زعيم حزب العدالة والتنمية. ولم يتسن التأكد إن كان موقف الاستقلال يعكس احتجاجه على عدم تلقي رد مكتوب من عبدالإله بن كيران في موضوع المذكرة التي وجهها إليه قبل أكثر من أسبوعين، أم أنه يميل إلى وضع آخر مسمار في نعش الحكومة، في حال إصرار الاستقلال على موقفه الغاضب. إلى ذلك، دعا الأمين العام للإستقلال حميد شباط إلى اجتماع يرأسه في حضور كتلتي حزبه في مجلسي النواب والمستشارين مطلع الأسبوع المقبل. وتوقعت المصادر أن يكون في مقدم جدول أعماله درس تداعيات مذكرة الحزب والانتقادات التي ما فتئ يوجهها إلى أداء الحكومة الذي يصفه ب «البطء والارتجال» وإطلاق مواقف انتخابية. وما يعزز احتمالات التصعيد أن نواب الحزب في البرلمان سبق لهم أن طلبوا إلى رئيس الحكومة بن كيران تقديم اعتذار حيال تصريحات اعتبروها تمس بصلاحياتهم الاشتراعية. وعاود المجلس الوطني (برلمان الحزب) في اجتماعه الأسبوع الماضي تأكيد استغرابه مما وصفه ب «التدخل» في صلاحيات البرلمان كسلطة مستقلة عن الجهاز الحكومي. وجاء في بيان المجلس الوطني أن مشاركة الاستقلال في الحكومة «لن تمنعه من انتقاد كل ما يمس الفئات الاجتماعية الفقيرة ومن يصنّفون ضمن الطبقة الوسطى»، في إشارة إلى إجراءات تدرسها الحكومة ضمن خطة إصلاح صندوق المقاصة الذي يختص بتوزيع دعم الدولة لمواد استهلاكية مثل الزيت والدقيق والسكر. ومن جهتها، أصدرت الكتلة الاستقلالية في مجلس النواب بياناً سجّلت فيه «بقلق بالغ ضعف الحكومة» في استجابة مبادرات اشتراعية عدة، إضافة إلى تجاهل دعوات لعقد اجتماعات وزارية، على خلفية اندلاع قلاقل مدنية في مراكش، ومناهضة موقف الحكومة الهولندية بخصوص خفض تعويضات مالية للمهاجرين وذويهم، والموقف من الإجراءات المتداولة بشأن صندوق المقاصة، وتداعيات رفع أسعار فواتير الماء والكهرباء. بيد أن الأمين العام للحزب أكد استمرارية التزامه ضمن الائتلاف الحكومي. وأوضح أن المجلس الوطني وحده المخوّل صلاحيات اتخاذ موقف نهائي، لجهة الاستمرار في دعم الحكومة أو اختيار العودة إلى المعارضة. وتحدثت مصادر الاستقلال عن دعوة المجلس الوطني إلى عقد اجتماع في الأسابيع المقبلة لدرس تطورات الموقف، في مؤشر إلى تسريع وتيرة الضغوط على حكومة بن كيران قبل «نفاد الصبر». ويشارك الاستقلال في حكومة الائتلاف التي تضم أربعة أحزاب، العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، على خلفية اشتراعيات العام قبل الماضي التي أهلته لحيازة الرتبة الثانية بعد الحزب الإسلامي. ومنذ تولي النقابي حميد شباط زعامة الحزب التاريخي، زادت حدة انتقاداته لأداء الحكومة إلى درجة أن لغته كانت أكثر ارتفاعاً وحدّة من مؤاخذات المعارضة. وبينما كانت مطالبه تكاد تقتصر على إجراء تعديل حكومي يطاول وزراء الحزب في الحكومة، امتدت تلك المطالب في اتجاه معاودة النظر في مرجعية التحالف، مع تركيز الانتقاد على وزراء «العدالة والتنمية» تحديداً. ووصف شباط توجّهات الحزب الإسلامي بأنها ترغب في نقل التجربة المصرية إلى المغرب، أو ما وصفه ب «مصرنة» المغرب في ظل حكم الإسلاميين. إلى ذلك، بادرت جماعة العدل والإحسان إلى زيارة الكاتب الأول المنتخب لزعامة الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر. وأفادت المصادر أن وفداً من الجماعة هنأ قيادة الحزب على غرار مبادرة سابقة شملت زيارة عبدالإله بن كيران لدى تجديد الثقة فيه أميناً عاماً ل «العدالة والتنمية» في المؤتمر الأخير للحزب الإسلامي. غير أن دلالات هذا الانفتاح على حزب معارض سيكون لها أثرها في نزع طابع «التشدد» عن الجماعة التي باتت تتصرف كحزب سياسي، وإن لم تطلب الترخيص لها بذلك.