على رغم اتفاق أطراف التحالف الحكومي المسيحي - الاشتراكي في ألمانيا على تحديد كوتا نسائية من 30 في المئة في الهيئات العليا للشركات والمؤسسات العامة والخاصة حتى عام 2016، تُظهر جردة حساب سريعة لهذه المؤسسات أن الهدف المنشود لن يتحقق أبداً حتى ذلك التاريخ. والأسباب المانعة كثيرة، يُضاف إليها استمرار معارضة كثر لهذا الهدف داخل الحكومة وخارجها. ويضع هذا الأمر صدقية الحكومة الألمانية وجدّيتها على المحك، خصوصاً أن قانوناً يعود إلى عام 1994، اقترحته وزيرة العائلات والمرأة في ذلك الحين أنغيلا مركل، يقضي بدعم وصول النساء إلى المراتب العليا، علماً أن القانون لم يوضع بجدية موضع التنفيذ. وأفضل مثال على ذلك، شركة القطارات الألمانية التابعة للقطاع العام حيث تجلس اليوم امرأة واحدة في مجلس الرقابة على الشركة من أصل 20 شخصاً. وهذا ما دفع بوزيرة العائلات والمرأة في الحكومة الحالية عن الحزب الاشتراكي مانويلا شفيزيغ، إلى التشبث أخيراً بقرار رفع عدد النساء على رغم كل المعوقات. لكن دراسة جديدة أجرتها جامعة لايبزغ أخيراً، أشارت إلى أن الخلاصة التي وصلت إليها في هذا المجال «لا تزال متواضعة»، على رغم وجود نسبة 25.1 في المئة من النساء في المجالس العليا للمؤسسات العامة ال 225، التي خضعت للبحث. ورأت أن كوتا المرأة في هذه المؤسسات «أفضل كثيراً من معدلها في الشركات الخاصة المنتمية إلى بورصة فرانكفورت والبالغ 18.9 في المئة فقط»، لكن التقدم داخل المؤسسات العامة غير كافٍ، ويمكن أن يكون أعلى كثيراً. ولفتت جمعية «فيدار» النسائية لدعم كوتا المرأة، في دراسة، إلى أن مشاركة المرأة داخل هيئات القرار الأساسية، مثل مجلس الإدارة في القطاع العام، لا تتجاوز اليوم 14 في المئة، وهي أقل كثيراً من النسبة المسجلة في مجالس الرقابة. من هنا ينخفض متوسط معدل مشاركة المرأة في الهيئات العليا لمؤسسات القطاع العام إلى نسبة 19.6 في المئة فقط. وعلى حد تعبير الجمعية هذه «لا يمكن أن يشكّل هذا الرقم مثالاً للشركات الخاصة»، التي فرضت عليها الحكومة كوتا محددة حتى عام 2016. أما في الشركات ال 30 الضخمة المسجلة في «مؤشر داكس» في بورصة فرانكفورت، فتبدو الصورة أسوأ كثيراً، خصوصاً أن أي تقدم لم يُسجل فيها حتى الآن. ففي شركة الإسمنت الضخمة للبناء «هايدلبيرغر اسمنت» التي حددت كوتا نسائية من 15 في المئة من المناصب العليا حتى عام 2020 بدلاً من 30 في المئة، لم ترتفع المشاركة فيها بين عامي 2010 و2013 سوى من 6.8 إلى 7 في المئة فقط. ومثلها شركة «تيسّن كروب» لصناعة الأسلحة التي حددت هدفاً مماثلاً، لكن مشاركة النساء فيها لم ترتفع إلا بنسبة 0.2 في المئة إلى 7.8 في المئة. وخيّبت شركة «فولكسفاغن» الضخمة لصناعة السيارات الآمال كونها اعتمدت كوتا ال 30 في المئة المطلوبة، لكن المشاركة في مجالسها العليا لم ترتفع حتى اليوم سوى من 8.5 إلى 9.8 في المئة. فقط شركة «أديداس» للمنتجات الرياضة سطعت بمعدل 26 في المئة من النساء في هيئاتها العليا، وأكدت سعيها إلى رفع النسبة إلى ما بين 32 و35 في المئة قبل نهاية العام المقبل. أما في ما يتعلق بالشركات المسجلة في «مؤشر داكس 30» فتبلغ نسبة النساء في المجالس العليا والمتوسطة نحو 13 في المئة فقط منذ العام 2010. وحتى في الإدارات التحتية منها انخفضت المشاركة القيادية للمرأة من 22 إلى 18 في المئة. وتشكل شركة «هنكل» للمواد الاستهلاكية الاستثناء الوحيد في البورصة، إذ حققت اليوم أكثر من الهدف المطلوب مع وصول نسبة عدد النساء في المناصب العليا والمتوسطة فيها إلى 33.2 في المئة، بزيادة 4.7 في المئة عليها عام 2010. وعزا مسؤولون في الشركات الخاصة سبب البطء في تمثيل المرأة في المراتب العليا إلى نقص النساء المؤهلات، واضطرار كثر منهن إلى التغيب طويلاً عن العمل بسبب إنجاب الأطفال. لكن أوساط الحكومة والمؤيدين لنسبة كوتا 30 في المئة، أكدت أن الهدف «ليس إرساء المساواة بين الرجل والمرأة فقط، بل أيضاً تحسين نوعية الرقابة والإدارة وزيادة التنوع من خلال وجود المرأة في مواقع القرار أيضاً». تُضاف إلى ذلك مواصلة العمل على وضع حدّ نهائي للفروق بين أجور الرجال والنساء عموماً في مختلف مجالات العمل في القطاع الخاص، حيث لا يزال راتب المرأة أقل منه لدى الرجل بنحو الثلث تقريباً.