تتواصل النقاشات داخل الحكومة المسيحية الليبرالية الألمانية وبين رجال الاقتصاد والخبراء، حول كيفية تعزيز دور المرأة القيادي في القطاعات الاقتصادية، وسط خلاف كبير بين من يطالب باعتماد «كوتا» نسائية محددة في المناصب العليا في الشركات والمؤسسات المعتمدة في «بورصة فرانكفورت»، كما هي الحال في الأحزاب السياسية، وبين من يرفض ذلك على اعتبار أنه تدخّل غير مقبول في شؤون القطاع الخاص. وأعطت مفوّضة العدل الأوروبية فيفيان ريدينغ ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى مهلة تنتهي في آذار (مارس) عام 2015، لكي ترفع الشركات الأوروبية العاملة في البورصة عدد النساء في مناصبها العليا إلى 30 في المئة، وإلا ستلجأ الى وسائل قانونية وإدارية. وأشارت الى أن اللجنة تريد أن ترى معدل 40 في المئة من النساء في مناصب عليا بحلول عام 2020، مشيرة إلى أن عدد الإناث في المجتمعات الأوروبية يزيد عن عدد الذكور. وكانت المستشارة أنغيلا مركل رفضت «فرض أي شيء من هذا القبيل على القطاع الخاص»، لكنها أيدت الاتجاه القائل بضرورة حضّه على معالجة الأمر طوعاً. وأدارت وزيرة العمل الألمانية أورزولا فون در لاين، وهي من حزب المستشارة المسيحي، النقاش في اتجاه اعتماد «كوتا» من 30 في المئة للنساء في المناصب العليا. وتحفّظ المحافظون في حزبها، وغالبية أرباب العمل على ذلك بشدّة، رافضين التدخل في شؤونهم الداخلية. وفي هذا الإطار، شهدت برلين اجتماعاً حكومياً موسّعاً مع ممثلي 30 شركة ألمانية ضخمة مسجلة في «مؤشر داكس» في «بورصة فرانكفورت»، أسفر عن تعهّد طوعي لكل منها ببذل جهد لرفع نسبة النساء قي المناصب القيادية، تبعاً للقدرات والإمكانات المتوافرة. وحذّرت وزيرة العائلات كريستينا شرودر، التي دعت إلى الاجتماع، وزميلتها وزيرة العمل فون در لاين، الشركات المذكورة من أي مماطلة في تنفيذ تعهداتها، وأكدتا أن حكومتهما ستضطر بعد ذلك لممارسة ضغوط متزايدة عليها لتحقيق المعدل المحدد أوروبياً، والمرغوب به أيضاً ألمانياً. وبرّر بعض ممثلي الشركات الذين حضروا اللقاء، مثل «بي إم دبليو» و «بيتكوم»، التردد في اعتماد هذه النسبة لعدم وجود ما يكفي من النساء في المجالات التقنية والتكنولوجية. وأظهرت دراسة أجرتها «مبادرة فيدار لدعم النساء في مجالس الإدارات» أواسط شباط (فبراير) الماضي، أشارت إليها النشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة من «غرفة التجارة والصناعة العربية-الألمانية»، أن عنصر المرأة لا يزال شبه غائب من مجالس إدارات الشركات الألمانية الكبرى المشاركة في مؤشرات «داكس» و «إم داكس» و «إس داكس» و «تك داكس» في «بورصة فرانكفورت»، وأن نسبة النساء في المناصب العليا في هذه الشركات لا تتجاوز 6,5 في المئة. ويرتفع معدل النساء إلى 10 في المئة في مجالس الرقابة على الشركات، لكنه يهبط إلى 3 في المئة في أعلى المناصب. وبيّن الاستطلاع عدم وجود أي عنصر نسائي في قيادات 74 شركة من أصل 160 في البورصة. وحلّت «مؤسسة بحوث الاستهلاك» (40 في المئة نساء) وشركتا «داغلاس» (30,2 في المئة) و «دويتس» (29,2 في المئة) في مقدم الشركات التي تشغّل أعلى نسبة من النساء في مناصبها العليا. وتعتبر شركة «سيمنز» الوحيدة التي تحمّل النساء مسؤوليات قيادية فيها من بين أفضل عشر شركات ألمانية ضخمة في مؤشر «داكس». ورفضت رئيسة «مبادرة فيدار» مونوكا شولتس ستريلو القبول باستمرار سيطرة الغالبية الساحقة لعنصر الرجال على مجالس القرار في الشركات الألمانية. ورأت أن الالتزام الذاتي الذي أعلنه أرباب العمل قبل عشر سنين، القاضي بزيادة عدد النساء في المناصب العليا، فشل في تحقيق الهدف في شكل ذريع. ودعت البرلمان الألماني إلى التحرّك لإقرار «كوتا» مُلزمة، رافضة إنهاء النقاش الدائر حول الموضوع من المستشارة الألمانية. وذكر رئيس مجلس الرقابة على البورصة الألمانية مسؤول لجنة الخبراء التي شكّلتها الحكومة الألمانية لتعزيز قيادة الشركات، مانفرد غينتس، أن الهدف من اللجنة العمل على زيادة عدد النساء في المناصب القيادية، لكنه استدرك قائلاً إن على المرء «التحرّك في هذا الاتجاه خطوة خطوة»، بخاصة أن مجالس إدارة الشركات والرقابة عليها تُنتخب لفترة تمتد بين ثلاث وخمس سنوات.