ارتفع التفاؤل في بورصة فرانكفورت أخيراً، بعد تسجيل مؤشر «داكس» للأسهم قفزات متتالية في الأسابيع الماضية، بحيث لم يعد يفصله عن رقمه القياسي المسجل عام 2007، وهو 8150 نقطة سوى نحو 350 نقطة. لكن البيانات المخيبة للآمال المعلنة في إسبانيا وإيطاليا أول من أمس، وأعطت الانطباع بأن أزمة الديون الأوروبية عادت بقوة مجدداً، أقلقت المستثمرين جداً ليتراجع المؤشر 2.5 في المئة مستقراً على 7638 نقطة. ومع ذلك لا تزال غالبية العاملين في بورصة فرانكفورت متفائلة، وهي تعتقد أن ما حصل انتكاسة نفسية للمودعين، وسيحقق المؤشر هذه السنة رقماً قياسياً جديداً للمرة الأولى منذ خمس سنوات. ورأى خبراء مال ألمان، «نشوء ظروف مالية واقتصادية مناسبة داخلياً وخارجياً»، تسمح باستمرار ارتفاع قيمة الأسهم في بورصة فرانكفورت. وأوضح مراقبون ماليون، أن إحدى خبرات العمل المكتسبة في البورصة، هي في حال بدأت السنة بإرتفاع مؤشر الأسهم، فسينعكس تحسنه بنسبة 75 في المئة على مدى السنة. وباستثناء عام 2006، حققت السنوات التي بدأت بصعود المؤشر بعد عام 2002 زيادات في قيمة أسهمه. وكان «داكس» سجل في اليوم الأول من هذه السنة زيادة نسبتها 2.3 في المئة. 9 آلاف نقطة وشدد أحد أقدم العاملين في بورصة فرانكفورت هايكو تيمه، على أن الشهر الأول «مهم جداً خصوصاً أن اليومين الأولين فيها، حاسمان لتطور المؤشر خلال السنة». وقال: «في حال انتهى الشهر الأول بتسجيل ارتفاع في المؤشر يزيد الأمل في تحقيق عام جيد إلى 90 في المئة». ولم يستبعد في هذه الحال «وصول «داكس» هذه السنة إلى 9000 نقطة». وعلى رغم التوقعات المبنية على الخبرة لا يؤمن الجميع بأهميتها، إذ اعتبر مدير شركة «غيرانت» لصناعة المعادن هانس ألف، أن ارتفاع المؤشر الألماني «ظرفي»، لافتاً إلى أن «الوقائع على الأرض ستدحرجه مجدداً إلى نصف قيمته». لكن «مؤشر فيلت» الشهري، الذي تعده دورياً مؤسسة بحوث بتكليف من صحيفة «دي فيلت» الألمانية، ينتظر أن يستمر «داكس» في الارتفاع شرط ألا يطرأ تطور دراماتيكي على أزمة الديون الأوروبية يعيدها إلى نقطة الصفر أو إلى أزمة سيولة مالية. وتسلّق مؤشر «فرانكفورت» الذي يعكس أوضاع أسهم 30 شركة ألمانية ضخمة نحو 1600 نقطة في الأشهر الستة الماضية، واستعاد بذلك أكثر من 30 في المئة من قيمته السابقة. ومنذ أواسط تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وحتى 21 شباط (فبراير) الجاري، ارتفع المؤشر بعد مدّ وجزر من 6950 إلى 7840 نقطة، بزيادة 13 في المئة تقريباً. واستند «مؤشر فيلت» إلى بيانات نمو وأخرى اقتصادية ومالية كثيرة في الداخل والخارج خلال الفترة المذكورة. واعتمد على مؤشرين رئيسيين، هما بيانات النمو والتوقعات. وسجل المؤشر الأول ارتفاعاً من 63 في المئة وعكس عودة الاقتصاد العالمي خصوصاً الصين، إلى النمو مجدداً بعد تجاوز كبوة فصل الخريف الماضي، وازدياد طلبها مجدداً على السلع الألمانية. فيما ارتفع المؤشر الثاني إلى 62 في المئة، إنما في اتجاه التشاؤم. الأزمة الأميركية وعزا رئيس مؤسسة البحوث ماركوس شابر، التشاؤم إلى «الخوف من عدم تمكن حكومة الولاياتالمتحدة من حلّ الخلاف المالي بين الديموقراطيين والجمهوريين في الجولة الثانية من المفاوضات داخل الكونغرس الأميركي، لإقرار الموازنة الجديدة للدولة». وأشار رئيس المؤسسة، إلى أن «إبقاء البنك المركزي الأوروبي في جلسته الأخيرة الفائدة المنخفضة البالغة 0.75 في المئة، وعدم نيته رفعها في الفترة المقبلة، دفع مستثمرين كثراً إلى شراء مزيد من الأسهم الألمانية، ما ساعد على ارتفاع مؤشر الأسهم الألماني. وفي الوقت ذاته، تشهد بورصات نيويورك ولندن وطوكيو وغيرها صعوداً في مؤشرات أسهمها. واللافت أن المحللين سجلوا، بموازاة صعود «مؤشر داكس»، ارتفاعاً سريعاً في سعر اليورو إزاء العملات الأخرى منذ اليوم الأول للسنة الجديدة. وبعدما حافظ اليورو أخيراً على ارتفاعه بين 1.33 و 1.35 دولار، بعد وصوله إلى 1.39 دولار لفترة قصيرة، احتفلت الأسواق المالية الأوروبية بما سمّته «ولادة اليورو الجديدة» بعد سنوات من الحديث عن ضعفه ومرضه. وبعدما حققت العملة الأوروبية المشتركة أعلى مستوى لها منذ 11 شهراً، أكد خبراء أن اليورو في بداية طريق صعوده الجديد، ورأوا أنه لا يزال يباع ويُشرى بأقل من قيمته الفعلية. وأعلن خبراء، أن وراء تحسن اليورو المفاجئ اقتناع كثر الآن بقدرة الاتحاد الأوروبي على التغلب على أزمة الديون.