يرعبني أن يكون مستقبلي المهني متجهاً نحو وظيفة «ندّابة» عزاء، وهي سيدة يتم حشو جيبها ببعض نقود من أجل حشو مسامع أهل الميت بحكايات عن ميتهم لعلهم يبكون عليه أكثر، وكأنهم لا يعرفونه، أو لم يعش بينهم، فقيمة الإنسان العربي «في الجاهلية أو الإسلام» مقرونة بضجيج المآتم وبكائيات الشعر. يمنحني حظي المهني أحقية إدعاء باستحياء إنتمائي لقبيلة القلم، وأنني اشتغلت «ندّابة» من دون إدراك كامل، مارست غباء «الزعيق» في المآتم أكثر من بكاء أهل الميت، وتوهمت كثيراً «ذبابية» بصري، و«ذيبية» بصيرتي إلى حين قالت «فضة بنت ناصر السبيعي»: «نباح الكلب ما يطرد الذيب الجيعان». تختصر فضة السبيعي جزءاً كبيراً من حياتي، بكونه مجرد نباح على مجموعة ذئاب تتنعم بما تصيد، بعد أن تتربص، تقرر، وتفترس، ثم زادتني «فضة» صفعة: «تراك يا وليدي تأكل من بقايا صيدهم، أحمد ربك على النعمة واسكت». واستجابة لنظريات فضة، لن أنبح على قطيع الذئاب، سأحاول أن أتوقف عن النباح، والسعي إلى كلمة «رقاصة» بديلاً عن «ندّابة»، فالراقصة تجني دراهم، نعم يحتقرها الناس نهاراً، لكنهم يقدسونها ليلاً، وتستطيع وضع «أي توقيع» على «أي ورقة»، وهذا يشبه حيازة «عصا ساحر، أو عفريت الإبريق»، لأننا «شرق أوسطياً» نتعامل مع «التوقيع» وكأنه خطيئة لا نضعه على بياض الورق إلا إذا سبقه سواد الفعل «رشوة أو واسطة» وكلاهما يحقق شعبية أكثر مما يحوزه نادي الهلال. وبالتالي، وتوافقاً مع زمن ما قبل رمضان بأيام، سأزيد الغسيل على حبل شهر شعبان بخطايا، بعد أن أصبح مسرحه يتكون من مشهد واحد «نفسي في... قبل رمضان» وأحجز طاولة «على البست» في ملهى «الرقص الاجتماعي»، لا يوجد على «الستيج» فيفي عبده، أو دينا، فالبضاعة المتاحة تمتاز بالكروش الممدودة، والجيوب المحشوة بدراهم «النقطة» وهي دراهم يرميها على الراقصة. يتحدر الراقصون - على هذا المسرح - أو يعتلون مراتب عليا في أجهزة إدارة الوطن العربي، ويحتاج غالبيتهم لمخمور لا يتوقف عن «التصفيق»، والتنطيط كما يحدث في برامج الجلسات الشعبية، أما «النباحون» فيجدر بهم الاستماع لنصيحة «فضة»، وإذا أراد أحدكم معرفة من هي «فضة»، هي والدتي، أطال الله بعمرها وعمر كل غالٍ عليكم. [email protected] @jeddah9000