يسعى الأصوليون في إيران إلى تخفيف حدة الهزيمة التي مُنيوا بها خلال انتخابات الرئاسة، محاولين الالتفاف حول الرئيس المنتخب حسن روحاني ودعمه سياسياً، لقطع الطريق أمام الإصلاحيين والمعتدلين من أنصار الرئيسين السابقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي وتجنّب دخولهم الى حكومته. واصطفت شخصيات أصولية أمام مكتب روحاني في مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لمجلس تشخيص مصلحة النظام، وسط اعتقاد بوجود تنافس خفي بين التيارين الأصولي والإصلاحي، للتقرّب من الرئيس المنتخب والسيطرة على المراكز المهمة في حكومته. وتشير مصادر إلى أن الأصوليين يحاولون منع روحاني من الاعتماد على إصلاحيين أو معتدلين قريبين من خاتمي الذي يعتبره المتشددون أحد قادة «الفتنة» التي تلت انتخابات 2009. وزار روحاني الأسبوع الماضي مقرّ اللجنة المركزية لحزب «مؤتلفة» الإسلامي، كما التقى السبت وفداً من مؤسسة «الجمعة والجماعة» المُنتشرة في جميع المناطق الإيرانية، من خلال أئمة الجمعة والجماعة. وأعرب رئيس لجنة السياسات في المؤسسة رضا تقوي خلال اللقاء، عن استعدادٍ للتعاون مع روحاني وإنجاح مهمته. ووصف الرئيس المنتخب بأنه «عالم دين وسياسي محنك يحظى بثقة المواطنين»، لافتاً إلى انه يحمل «تاريخاً وتجربة» خلال الحرب العراقية – الإيرانية (1980-1988) و «مطلع على القضايا الداخلية والخارجية، ما يوجِد أملاً بنجاح حكومته». وكان أمير حسين قاضي زادة، الناطق باسم «جبهة الاستقامة» المؤيدة للمرجع المتشدد محمد تقي مصباح يزدي، أشاد بسياسة روحاني، معلناً «مساندة الجبهة مواقفه في شأن الملف النووي». واعتبر أن وسائل الإعلام «لم تطرح أفكار روحاني في شكل جيد قبل الانتخابات»، مضيفاً: «لو علمنا بها لدعمنا ترشحه». وأعربت «جمعية العلماء المناضلين» (روحانيت) المحافظة عن أملها بإعادة وصل ما انقطع مع روحاني، إذ أنه عضو في لجنتها المركزية لكنه امتنع من المشاركة في اجتماعاتها منذ أحداث 2009. وأعلنت رغبتها في عودة رفسنجاني وروحاني إلى اجتماعات لجنتها المركزية. لكن امتناع الجمعية عن دعم روحاني في الانتخابات، وإبداله بمرشح آخر، نقطة سلبية تُحسَب عليها، خصوصاً أن الرئيس المنتخب من مؤسسيها وعضو في لجنتها المركزية منذ تأسيسها قبل انتصار الثورة العام 1979. وتشير مصادر إلى خلاف داخل التيار الأصولي بعد إعلان نتائج الانتخابات، والتي شكّلت صدمة غير متوقعة لشخصيات سياسية وأوساط فكرية تابعة لهذا التيار، ما جعل تلك الشخصيات تقفز على النتائج، من خلال انتهاج خطوات تحاول إعادة الثقة لجمهور الأصوليين والإيعاز لمؤسسات هذا التيار وأحزابه بالتقرّب من روحاني، لقطع الطريق أمام تغلغل الإصلاحيين والمعتدلين في حكومته. لكن الرئيس المنتخب كان واضحاً في خطابه السبت، إذ قال إن على الجميع الرضوخ لرأي الأكثرية التي تريد الاعتدال وتنبذ التطرف، في إشارة واضحة إلى عدم رغبته بالاستعانة بمتطرفين أو متشددين في أجهزة الدولة ومصادر القرار. وترى أوساط معتدلة أن الأصوليين ارتكبوا خطأً استراتيجياً، بامتناعهم عن تأييد ترشّح روحاني، بسبب استبعاده من الحياة السياسية طيلة السنوات الثماني الأخيرة. وقال الأخير خلال حملته الانتخابية إنه كان ممنوعاً من التحدث الى التلفزيون الإيراني ووسائل الإعلام الأخرى، لافتاً إلى إخضاعه لحظر إعلامي في الفترة الماضية.