تفاقم أمس ضغط الأوضاع السياسية والأمنية في مصر على اقتصادها، فهوت معدلات الإشغال والحجوز في الفنادق وقررت شركات ومصانع ومؤسسات إقفال أبوابها خوفاً من تداعيات التظاهرات المليونية التي يعتزم معارضو الرئيس محمد مرسي تسييرها اليوم للدعوة لاستقالته. وشهدت الفنادق تراجعاً في معدلات الإشغال في الأحياء القريبة من محيط ميدان التحرير في وسط العاصمة القاهرة، تحسباً للتظاهرة المركزية التي دعت إليها المعارضة، فيما سُجِّل استقرار في المعدلات في الفنادق الواقعة عند أطراف العاصمة. وقال رئيس اتحاد الغرف السياحية المصرية إلهامي الزيات «إن فنادق القاهرة هي الأكثر تأثراً بالتظاهرات المستمرة». وتوقع «أن تشهد الأيام القليلة المقبلة نزوحاً جماعياً وقطعاً للإجازات من النزلاء المقيمين في فنادق القاهرة، خصوصاً القريبة من ميدان التحرير، قلب الاحتجاجات»، خصوصاً بعد إصدار وزارات الخارجية في الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الأوروبية تحذيرات لمواطنيها الراغبين في السفر إلى مصر أو الذين يعيشون فيها إلى إرجاء السفر غير الضروري إلى البلاد أو مغادرتها لمن ليس لوجوده مبرر ملح. وأوضح الزيات أن متوسط الإشغالات في الفنادق القريبة من ميدان التحرير وتحديداً على ضفة نهر النيل تصل إلى 20 في المئة، في مقابل 70 في المئة قبل «ثورة يناير» في 2011، وثمة فنادق أغلقت أبوابها نهائياً، خصوصاً منها المنشآت ذات التصنيف الأقل من ثلاث نجوم نتيجة تراجع حركة الوافدين للعاصمة. ووفق هيثم نصار، المدير العام لفندق «رمسيس هيلتون» المطل على نهر النيل في ميدان التحرير في القاهرة: «هناك قلق وفزع لدى عاملي السياحة. نترقب تظاهرات الغد (اليوم)، ونخشى أن تصاحبها أعمال عنف». وأضاف: «الحجوز في الفندق لا تتجاوز 20 في المئة في الوقت الحالي». وتضم منطقة وسط القاهرة المطلة على النيل أبرز فنادق مصر من فئة خمس نجوم، وتشمل خمسة فنادق على الجانب الشرقي للنهر. ويبلغ عدد الغرف الفندقية في إقليم القاهرة الكبرى، الذي يضم ثلاث محافظات تشمل القاهرة والجيزة والقليوبية في الدلتا نحو 30 ألف غرفة من إجمالي 225 ألف غرفة، بحسب إحصاءات وزارة السياحة. ويعد أكثر الفنادق قرباً لميدان التحرير ومناطق الاشتباكات المتكررة «فندق سميراميس»، الذي أغلق أبوابه عقب تعرضه للسطو في كانون الثاني (يناير) الثاني الماضي. وكبدت أيام الإغلاق ال 20 الفندق خسائر بنحو 10 ملايين جنيه (1.4 مليون دولار). وقال مصدر في «سميراميس» إن الإشغالات في الفندق لا تتجاوز حالياً 15 في المئة، وأمل بألا يقطع النزلاء إقامتهم خلال الأيام المقبلة. وتعول مصر على قطاع السياحة في توفير نحو 20 في المئة من العملة الصعبة سنوياً، خصوصاً بعد تآل احتياط النقد الأجنبي للبلاد في شكل كبير بعد الثورة وتراجعه إلى 15 بليون دولار نهاية أيار (مايو) الماضي، في مقابل نحو 36 بليون دولار في كانون الأول (ديسمبر) 2010، بحسب بيانات البنك المركزي المصري. ويشعر المواطنون بوطأة الأزمة الاقتصادية وزيادة الفقر وهبوط الاستثمارات، واستمرار الانخفاض في قيمة الجنيه المصري، وزيادة معدلات التضخم، ما رفع أسعار السلع والخدمات وخفض معدل النمو الاقتصادي إلى أقل من 2.5 في المئة. وفرضت الحكومة سياسات تقشفية نتيجة للعجز في الموازنة، ويشمل ذلك فرض ضرائب غير مباشرة على السلع الاستهلاكية ما خفض الأداء الاقتصادي ومعدل النمو وقلل الاستهلاك والاستثمار. وأدى فرض الضرائب غير المباشرة التي تؤثر في الفقراء لأنها تستهدف الغذاء والطاقة، إلى زيادة كبيرة في الأسعار وارتفاع لكلفة المعيشة، خصوصاً في غياب رؤية حكومية واضحة لملف الأجور، ما ساهم في زيادة حدة الاحتجاجات والمطالبة برحيل النظام. وجاءت الفنادق الواقعة على أطراف القاهرة، أكثر حظاً، لتشهد معدلات أفضل في الإشغالات، لتفضيل السياح الابتعاد عن مناطق الاحتجاجات بوسط العاصمة. وأكد أشرف زخاري، وهو منظم رحلات في «ابر كرومبي للسياحة»، أن متوسط الإشغالات في فنادق مطار القاهرة شمال شرقي العاصمة، أفضل حالاً منها في فنادق وسط القاهرة المطلة على النيل. وبلغت معدلات الإشغالات في فنادق المطار نحو 40 في المئة. وأشار إلى أن غالبية نزلاء هذه الفنادق يمرون ترانزيت عبر مطار القاهرة الجوي ولا تزيد فترة الإقامة على يومين على الأكثر، إذ يمثل الديبلوماسيون والإعلاميون قطاعاً كبيراً من هذه الإشغالات. ولم تقتصر مخاوف الفنادق من نزوح السائحين على القاهرة، وإنما امتدت إلى مدينتي الأقصر وأسوان جنوب البلاد والتي تعاني منذ اندلاع الثورة بداية 2011 بسبب ارتباط حركة الوافدين إليها بزوار العاصمة. المصارف والشركات وأكد مسؤولون في عدد من المصارف أن لديهم خطة بديلة للعمل في حال تعذر الوصول إلى المقرات الرئيسة اليوم، نفذتها مصارف مصرية خلال الاضطرابات السابقة بميدان التحرير وتتمثل في العمل في الفروع الأخرى. وأغلقت شركات أبوابها في مناطق الاضطرابات، مثل تلك المتواجدة في ميدان التحرير، وأمام قصر الاتحادية الرئاسي، فالجميع يترقبون ما ستسفر عنه التظاهرات الحالية، بسبب ارتفاع حال الغضب الشعبي في شكل كبير، خصوصاً مع فقدان المحروقات، والشلل الذي أصاب المحافظات نتيجة لغياب وسائل النقل، الأمر الذي أدى إلى اختفاء كثير من السلع الأساسية نتيجة توقف عمليات التوريد. وأغلق عدد كبير من الشركات والمصانع المملوكة لرجال الأعمال خصوصاً في المناطق الصناعية الكبرى مثل السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان، أبوابها ومنحت عمالها إجازات، بعضها حتى إشعار آخر. واكتفت الشركات والمصانع فقط بتأمين منشآتها من خلال زيادة أعداد أفراد الأمن على البوابات، والاستعانة بعدد من العمال، لتطبيق مناوبات مبيت وحراسة تجنباً لحدوث عمليات بلطجة.