عكّرت فضيحة فساد شركة «بتروبراس» ليل الجمعة - السبت آخر مناظرة متلفزة في الحملة الانتخابية الشديدة الحماسة للاقتراع الرئاسي المقرر اليوم في البرازيل، بين الرئيسة المنتهية ولايتها ديلما روسيف وخصمها من يمين الوسط آيسيو نيفيس، والمدعو للمشاركة فيه 142,8 مليون ناخب. وشاهد عشرات الملايين من المشاهدين قناة «تي في غلوبو» آخر مرحلة من الحملة الانتخابية الأكثر احتداماً منذ 30 سنة في البلد الناشئ العملاق بأميركا اللاتينية، الذي يمرّ بمرحلة تحوّلية. واتهم نيفيس، الذي حقق تقدّماً واضحاً خلال الأيام الأخيرة على منافسته اليسارية على ما أفادت الاستطلاعات، الرئيسة بأنها خاضت «الحملة الأكثر دناءة» في تاريخ البرازيل. وركز نيفيس على القنبلة الإعلامية التي أطلقتها مجلة «فيجا»، التي أوردت أن روسيفا وسلفها لويس ايناسيو لولا كانا على علم بنظام الفساد السياسي في «بتروبراس». وسأل نيفيس الرئيسة: «هل كنت تعلمين كما قالت مجلة فيجا؟». فأجابت: «إنها محض افتراءات وتشهير»، ونددت ب»عملية دعائية انتخابية» ومحاولة «تضليل» الناخبين. وزادت: «سأرفع دعوى لدى القضاء للدفاع عن نفسي، وأنا متيقنة أن الشعب البرازيلي سيعرب الأحد (اليوم) عن استيائه برفضه برنامجك الذي يمثل تراجع البرازيل إلى الوراء». ولطّخت قضايا الفساد سمعة حزب العمال الذي تنتمي إليه روسيف ويحكم البلاد منذ 12 عاماً، ما دفع بناخبين يساريين إلى النفور منه، وجعل نيفيس من ذلك منذ البداية أحد محاور حملته الانتخابية. وكانت روسيف دائماً تدافع عن نفسها بالقول إنها غير متسامحة مع الفساد، مؤكدة أنه إذا نشرت التحقيقات اليوم ذلك لأنها منحت الشرطة الفيديرالية استقلالية كاملة، في حين عندما كان الحزب الاجتماعي الديموقراطي البرازيلي يحكم البلاد بين 1995 و2002، «كانت تلك القضايا تدفن منهجياً». وأكدت روسيف أنها ستطلب عقوبات أشدّ على المفسدين والفاسدين وستمنع الشركات من تمويل الحملات الانتخابية. وقال نيفيس: «هناك طريقة لإنهاء الفساد، وهي تنحية حزب العمال من الحكم». وحجبت هذه العبارات الشديدة القساوة رهانات الاقتراع الذي يثير انقسام البرازيليين. ويشعر الأكثر عوزاً من سكان المناطق الأكثر فقراً في شمال شرقي البلاد، بالامتنان لليسار وبرامجه الاجتماعية التي استفاد منها أكثر من 50 مليون منهم. بينما تريد الطبقات الميسورة وضع حد لحكم حزب العمال وتحمّله مسؤولية تباطؤ الاقتصاد، ودخول البلاد مرحلة انكماش خلال النصف الأول من السنة الحالية. وتدور المعركة من أجل كسب أصوات الطبقة المتوسطة، التي أصبحت تشكل الغالبية خلال السنوات الأخيرة، والتي توقف تحسّن ظروفها المعيشية مع التباطؤ الاقتصادي الذي شهدته ولاية روسيف. وظهر ذلك الاستياء في شكل مفاجئ مع الانتفاضة الاجتماعية التاريخية في حزيران (يونيو) 2013 احتجاجاً على الفساد وعجز الخدمات العامة. وأصبحت الطبقات المتوسطة مترددة بين الوفاء إلى مكاسب سنوات لولا (2003-2010) وشعور متزايد بالاستياء من الحكومة الحالية، في حين يعد نيفيس بنهج ليبيرالي لإنعاش الاقتصاد ومكافحة التضخم. ومن بين هذه الفئة من الشعب استعادت روسيف أكثر النقاط خلال الأيام الأخيرة، لا سيما في جنوب شرقي البلاد الصناعي.