استعادت الرئيسة البرازيلية اليسارية ديلما روسيف تفوقها رغم أن المرشحة المدافعة عن البيئة مارينا سيلفا أضعفتها في المجال الاقتصادي، وتتطلع من موقع قوة إلى الانتخابات الرئاسية المقررة الأحد في هذا البلد العملاق الناشئ في أميركا اللاتينية. وتعتبر المرشحة لولاية رئاسية ثانية من أربع سنوات والوريثة السياسية للرئيس السابق لولا (2003-2010) الأوفر حظا للفوز غدا الأحد في الدورة الأولى من الانتخابات. وردا على وعد مرشحة التغيير المدافعة عن البيئة مارينا سيلفا ب«سياسة جديدة»، فرضت روسيف نفسها ضامنة لما تحقق من مكاسب اجتماعية واقتصادية سمحت لأربعين مليون فقير بالارتقاء إلى الطبقة المتوسطة والاستهلاك خلال 12 سنة من حكم حزب العمال اليساري. ومع نهاية حملة تخللتها مفاجآت أشبه بالمسلسلات التلفزيونية البرازيلية، يتوقع أن تحصل روسيف الأحد على أربعين في المئة من الأصوات وفق آخر استطلاعات الحملة المنشورة مساء الخميس، قبل ساعات من آخر مناظرة انتخابية كبيرة على قناة تي في اوغلوبو أمام خمسين مليون مشاهد. واقتحمت مارينا سيلفا بشكل مثير الحملة الانتخابية بترشحها باسم الحزب الاشتراكي البرازيلي بدلا من حليفها ادواردو كامبوس الذي لقي حتفه في آب/أغسطس في حادث طائرة، وفي وقت ما حققت تقدما على ديلما روسيف بعشر نقاط في حال جرت الجولة الثانية بينهما كما توقعت الاستطلاعات. ولكن هذه المنشقة عن حزب العمال ووزيرة البيئة سابقا في حكومة لولا (2003-2008) والإنجيلية المتحمسة تقهقرت أمام الهجوم المضاد القوي لديلما روسيف والآلة الانتخابية القوية لحزب العمال. ويتوقع أن تصل مارينا سيلفا التي ولدت في عائلة فقيرة في الأمازون حيث اشتغلت وهي طفلة في ظروف قاسية في جمع المطاط، إلى الدورة الثانية بفضل ما بين 24 إلى 25 بالمئة من الأصوات. وبذلك تحتفظ بحلمها كاملا أن تصبح أول رئيسة سوداء في البرازيل وتتطلع إلى جولة ثانية أكثر توازنا قد تستفيد فيها من أصوات المرشحين الآخرين ومن وقت إضافي في قنوات التلفزيون يعادل وقت الرئيسة. لكن يتعيّن عليها أولا التصدي لعودة آيسيو نيفيس مرشح الحزب الاجتماعي الديمقراطي البرازيلي، الخصم التاريخي لحزب العمال والذي تمكّن تدريجيا من الارتقاء إلى نسبة متوقعة من الأصوات تتراوح بين 19 الى 21%. وتنازل المرشحون على قناة تي في غلوبو في نقاش انتهت به الحملة الانتخابية في آخر فرصة لتغيير الأوضاع قبل الاقتراع. وعرضت ديلما روسيف برامجها في المساعدة الاجتماعية التي استفاد منها المعوزين وحظيت بشعبية كبيرة والمساعدة الغذائية «بولسا فاميليا» التي استفاد منها 14 مليون برازيلي والمنازل الشعبية ال3,6 التي يجري بناؤها أو تم تسليمها في «مينا كازا مينا فيدا» (منزلي وحياتي). وهاجمها كل من آيسيو نيفيس ومارينا سيلفا على إدارتها الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع التضخم (%6,5) وتباطؤ النمو خلال أربع سنوات ودخول الاقتصاد السابع في العالم في حالة ركود خلال النصف الأول من السنة الجارية. وحاولا الحد من قوتها بإثارة قضية الرشاوى التي تقاضاها برلمانيون من أغلبيتها من قبل شركة النفط العامة العملاقة بتروبراس. وكانت تلك القضية ثاني قضية فساد كبيرة تهز حزب العمال بعد القضية التي أطلق عليها اسم مينسالاو المتعلقة بشراء أصوات نواب حلفاء أثناء الولاية الأولى للرئيس لولا. ودعت مارينا سيلفا التي قال عنها خصومها إنها غير جاهزة للحكم، في نهاية النقاش البرازيليين إلى «التصويت بلا خوف». من جهتها تساءلت ديلما روسيف بلهجة حازمة «من الأكثر تجربة وقدرة على مواصلة العملية السارية؟ للتوافق فعلا مع العمال والصرامة في اتخاذ الاصلاحات الضرورية؟». ودعي 142,8 مليون ناخب برازيلي إلى الاقتراع لانتخاب رئيس أو رئيسة وكذلك 27 حاكما و513 نائبا فيدراليا و1069 نائبا إقليميا و27 سيناتورا (ثلث مجلس الشيوخ) من بين 26 ألف مرشح. وينتشر عشرات الآلاف من الشرطة لضمان أمن عملية الاقتراع. وفي ريو دي جانيرو انتشر ضعف العدد العادي ليبلغ 22253 رجلا بعد سلسلة من المواجهات النارية في الأحياء الفقيرة «فافيلا» التي قيل إن السلام استتب فيها وأسفرت عن سقوط خمسة قتلى خلال الأيام الاخيرة.