ينتج المزارعون الصغار في إثيوبيا 94 في المئة من الذرة، التي تعدّ محصولاً مهماً بالنسبة إلى الأمن الغذائي فيها. إذ لدى الذرة إمكانات ضخمة على توفير المداخيل في إثيوبيا، لكن لا يُنتج الذرة كمحصول يُباع نقداً، سوى نصف المزارعين. وتعجز غالبية المزارعين الصغار عن الوصول إلى التمويل الحاسم، وإلى المُدخلات الزراعية المُحسّنة والأسواق اللازمة، للانتقال من زراعة الكفاف إلى إنتاج وتسويق الذرة وتسويقها تجارياً. لكن، من خلال الدعم الذي تقدمه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بموجب برنامج «الغذاء للمستقبل»، وهي مبادرة الحكومة الأميركية الخاصة بالجوع العالمي والأمن الغذائي، بدأت هذه العملية الانتقالية تتحوّل إلى واقع بالنسبة إلى أكثر من 30 ألف مزارع صغير. ووافق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في نهاية العام الماضي، على شراء أكثر من 28 ألف طن من الذرة البيضاء، تقدر قيمتها بنحو 10 ملايين دولار، من 16 نقابة تابعة لتعاونيات المزارعين في إثيوبيا لتلبية حاجات جهود الإغاثة، التي يقوم بها في مناطق كثيرة تعاني في شكل مزمن من انعدام الأمن الغذائي. وأوضح مدير مكتب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في إثيوبيا دنيس وللر، أن «مبادرة الرئيس الأميركي باراك أوباما «الغذاء للمستقبل»، تستفيد من خلال الدعم الذي تقدمه الوكالة في إثيوبيا، بجمع مئات الملايين من الدولارات من مانحين آخرين وحكومات، ومن مصادر أخرى في القطاع الخاص لمساعدة إثيوبيا في اتخاذ الخطوات اللازمة للحد من اعتمادها على المساعدات الغذائية». واعتبر أن هذه المبيعات إلى برنامج الأغذية العالمي «تشكِّل بداية واعدة للمزارعين الأثيوبيين الأكثر إنتاجية نسبياً في المناطق الآمنة غذائياً، كي يتمكنوا من بيع الفائض لديهم ليستفيدوا منه ويستفيد منه أيضاً المقيمون في المناطق التي تفتقر إلى الأمن الغذائي». ولفت مدير برنامج الأغذية العالمي في إثيوبيا عبدو ديينغ، إلى أن البرنامج يرمي إلى «زيادة المشتريات من المزارعين المحليين لمساعدتهم على زيادة مداخيلهم من طريق ربطه بالأسواق الكبرى». وأعلنت العالمة الرئيسة في مكتب الوكالة جولي هوارد، أن برنامج «الغذاء للمستقبل» يعني النظر إلى «كيفية تمكين المزارعين المحليين والمجتمعات المحلية من تحسين إنتاجها، لدفع التحوّل الاقتصادي قدماً في البلاد». وأشارت المديرة العامة للتعاونية سيلشي آنغارسا، التي تلقت تدريباً عن تسويق الذرة من الوكالة الأميركية، إلى «استمرار تراجع سعر بسبب الافتقار إلى رأس المال اللازم لدى التجار المحليين». وأوضحت أن الذرة هي من «الحبوب القابلة للفساد بسرعة خلال مدة زمنية قصيرة نسبياً من تخزينها، لذا كان محتملاً أن يضطر المزارعون إلى بيع إنتاجهم بأسعار أدنى لولا اتفاق المشتريات المبرم مع برنامج الأغذية العالمي، التي ساعدتنا الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في التوصل إليها». يُذكر أن إثيوبيا، اعتمدت على مدى عقود على المساعدات الغذائية الدولية لدى مواجهتها حالات جفاف متكررة. وقدمت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى إثيوبيا أكثر من 1.2 بليون دولار من الدعم، لتوفير المعونات الغذائية الطارئة، على مدى العقد الماضي. وأظهر الجفاف الذي ضرب القرن الأفريقي عام 2011، أن برنامج شبكات الأمان الإنتاجية في إثيوبيا ناجح، ومع أن البعض اعتبر أن جفاف 2011 كان سيئاً تماماً مثل جفاف عام 2003، لكن أعداد الوفيات كانت أقل بكثير، وكذلك عدد الإثيوبيين الذين كانوا يحتاجون إلى مساعدات طارئة، بفضل الأنظمة التي ساعدت الوكالة في تطويرها. وفي هذه الأثناء، بدأت حكومة إثيوبيا الاستثمار على نطاق واسع في الزراعة والبنية التحتية، وشهد الاقتصاد انتعاشاً ملحوظاً مع نمو في الناتج المحلي نسبته 7.3 في المئة عام 2011، أي أعلى من المتوسط المسجل في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وفي وقت يستمر خطر الجفاف، تحقق تقدم كاف وتعمل الوكالة وإثيوبيا معاً بموجب برنامج «الغذاء للمستقبل»، لدعم المزارعين الصغار في المناطق الأكثر إنتاجية نسبياً، لتمكينهم من تسويق الفائض من منتجاتهم. وأملت جولي هوارد من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، في أن «يمهد العمل مع 30 ألف مزارع إثيوبي ونقابة تعاونية الطريق لحدوث تغييرات نظامية أكبر». وقالت «بما أن 75 في المئة من الفقراء في العالم يعيشون في مناطق ريفية، لن نتمكن فعلاً من انتشالهم من الفقر ما لم نغيّر الأنظمة الزراعية، كي يتسنى خلق الوظائف ومزيداً من المداخيل، والسماح للناس بإرسال أولادهم إلى المدارس، لذا فإن ذلك يتطلب حقاً هذا التركيز على الزراعة».