وفق مجلة «ساينس» الناطقة بإسم «الجمعية الأميركية لتقدّم العلوم»، أظهرت دراسةٌ جديدة نجاح دواء في إطالة فترة الشيخوخة في فئران المختبر، مع تمتعها بصحة سليمة خلال هذه الفترة أيضاً. وأعرب باحثون شاركوا في هذه الدراسة عن أملهم بأن يُستخدم هذا الدواء، واسمه «راباميسين» Rapamycin، في إطالة زمن الشيخوخة السليمة عند البشر، إضافة إلى المساعدة في تجنّب أمراض مرتبطة بالشيخوخة، خصوصاً أن «راباميسين» دواء يملك موافقة من السلطات الصحية في أميركا لاستخدامه علاجاً لتفادي رفض الجسم لزرع أعضاء فيه. في المقابل، هناك عقبات كثيرة ما زالت عائقاً أمام دواء ال «راباميسين» لإطالة زمن الشيخوخة السليمة عند الإنسان. فمن غير الواضحة طرق استخدام ال «راباميسين» في إطالة الشيخوخة السليمة، إضافة إلى مخاوف أصيلة من الآثار الجانبيّة التي ربما تسبّب بها الدواء. وكذلك تجدر الإشارة إلى أن الدراسة على الفئران المُشار إليها آنفاً استعملت طريقة خاصّة في صنع كبسولات الدواء، لا تُستخدم حاليّاً عند إعطاء ال «راباميسين» للبشر. ثمة شركة للتكنولوجيا الحيويّة في سان أنطونيو، في ولاية تكساس، تعمل على الاستثمار في الإمكانات التجاريّة الواسعة لدواء «راباميسين». ووفق ما أعلنه مسؤولون في الشركة، ربما بدأت الشركة قريباً تجارب سريريّة على البشر، تتعلق بعقار «راباميسين». تجارب متنوّعة ونتيجة واحدة خلال إعداد الدراسة، أُعطيت الفئران دواء «راباميسين» بصفته جزءاً من نظامها الغذائيّ، عندما بلغت ال19 شهراً من العمر، ما يوازي 60 سنةً تقريباً عند الإنسان. وبالمقارنة مع فئران لم تخضع للعلاج، لوحظ ارتفاع في مدى العمر عند الفئران المُعالجة بال «راباميسين» بقرابة 3 في المئة، على رغم أنّ الفارق ارتفع إلى 7 في المئة عند الفئران التي بلغت أعماراً متقدّمة. وفي دراسات أخرى، حقّق «راباميسين» نتائج أشد سطوعاً، إذ بيّنت دراسة نُشرت في مجلّة «نايتشر» عام 2009، ولجأت إلى منهجيّة مماثلة لكنها طُبّقت على سلالات مختلفة من الفئران، أن «راباميسين» سجّل زيادة بمقدار 10.5 في المئة عند الفئران المتقدّمة في السنّ، مقارنة بتلك التي لم تخضع للعلاج. وكذلك كشفت دراسة نُشرت في عدد شهر شباط (فبراير) 2011 في «مجلّة علم الشيخوخة: العلوم الحيويّة»، أنّه عند إعطاء «راباميسين» في أعمار مبكّرة، ترتفع الزيادة في العمر إلى ما يقارب 14 في المئة. وركّزت الدراسة المذكورة أعلاه، وهي منشورة في عدد الربيع لمجلة «مجلّة علم الشيخوخة: العلوم الحيويّة» على تأثير الدواء في الصّحة والعمر. وكتب مُعدّو الدراسة، وهم باحثون في «مركز جامعة تكساس للعلوم الصّحية» في «سان أنطونيو» في ولاية تكساس: «لم تُجرَ بعد بحوث مكثّفة عمّا إذا كانت تأثيرات العلاج بدواء «راباميسين» تساعد على إطالة الحياة الصّحية». وأدرجت الدراسة أسماء العلماء الذين أجازوا لشركة «راباميسين هولدينغز» التي تنتج عقار «راباميسين» استخدام تقنيات بيولوجيّة تساعد في تعزيز أثر هذا الدواء. وذكر معدّو الدراسةأنّهم دقّقوا في تأثير الدواء في الصّحة لأنّ «زيادة مدى العمر من دون زيادة مدى الحياة الصّحية في الوقت نفسه، مهمّة يستحيل تحقيقها». ووجدوا أنّ الفئران التي خضعت للعلاج، تمتّعت بفوائد صحية كثيرة، تشمل زيادة طول الخطوة، وتحقيق نتائج أفضل في اختبار التحمّل. وأشارت الدراسة إلى أنّ تأثير ال«راباميسين» الإيجابي على المدى العمري عند الفئران، كان أشدّ بروزاً لدى الإناث، وهن سجّلن زيادة في الأعمار تفوق ب80 في المئة ما سُجّل عند الذكور. وإضافة إلى هذا، يساعد دواء «راباميسين» على تجنّب رفض الجسم عضواً زُرع فيه، عبر إعاقة عمل بعض خلايا جهاز المناعة، ما يؤدّي إلى التخوّف من ظهور آثار جانبيّة ضارّة ومثبطة للمناعة. ولكن وفق ما أعلنه العلماء، لم يثبت أنّ هذه التأثيرات تسبّبت بمشاكل صحيّة ملفتة. وأُطلق على دواء «راباميسين» هذا الاسم لأنّهّ مستخلص من بكتيريا وُجدت في تربة جزيرة الفصح، والتي تُعرف أيضاً باسم «رابا نوي».