يعقد حزب التحرير في تونس مؤتمره السنوي الثاني اليوم تحت شعار «الخلافة التغيير والتحرير» الذي من المنتظر أن يناقش مسائل تتعلق بالخلافة و «مساوئ الحكم العلماني» في الدول الإسلامية. وظهر حزب التحرير في تونس عام 1978 كامتداد للحزب الذي أسسه الشيخ تقي الدين النبهاني بالقدس عام 1953، ثمّ أسس فروعاً له في كل من سورية ولبنان والأردن والعراق ومصر والدول الإسلامية في آسيا. وهو محظور بعدد من الدول العربية والغربية. وتعرّضت قيادات حزب التحرير إلى اعتقالات ومحاكمات عام 1983 في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وإلى موجة ثانية من الملاحقات ضدّ الإسلاميين بعد صعود زين العابدين بن علي إلى الحكم، لا سيما عام 1991. وينعقد مؤتمر «الخلافة» لحزب التحرير في تونس وسط وضع أمني متوتر بسبب الانفجارات المتتالية للألغام منذ أول شهر أيار (مايو) الماضي في جبل الشعانبي على حدود الجزائر، بالإضافة إلى أن البلاد ما زالت تعيش على وقع منع عقد مؤتمر السلفية الجهادية «أنصار الشريعة»، وهو ما يطرح تساؤلات في الرأي العام حول مدى التزام الجماعات الإسلامية بعدم استعمال العنف. وصرح رئيس حزب التحرير في تونس رضا بالحاج إلى «الحياة»، بأن حزبه ملتزم بعدم استعمال العنف مهما كانت الظروف، مضيفاً أن أعضاء حزب التحرير في تونس تعرضوا إلى ملاحقات ومضايقات أمنية زمن حكم الحبيب بورقيبة وبن علي ولم يلجأ الحزب إلى رد الفعل المادي. وشدد رضا بالحاج على أن حزبه ينبذ العنف «مبدئياً وليس تكتيكياً» لأن أدبياته قائمة على الدعوة السلمية من أجل خلافة إسلامية. هذا الموقف أكده ناجي جلول أستاذ الحضارة الإسلامية والخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، إذ أكد في تصريح إلى «الحياة» بأن حزب التحرير في تونس لم يستعمل العنف المسلح ضد الدولة والمجتمع حتى في أحلك فتراته وتمكن من ضبط عناصره حتى لا تستدرجها السلطة آنذاك نحو العنف. لكنه شدد على أن الحزب شارك في أعمال عنف في بعض الدول مثل طاجيكستان التي يمثّل حزب التحرير فيها «قوة شعبية كبيرة»، وفق قوله. من جهة أخرى، يتوقع بعض المراقبين أن يكون هذا المؤتمر مناسبة لطرح موضوع المشاركة في الانتخابات المقبلة في تونس المنتظر عقدها أواخر العام الحالي أو أوائل العام المقبل. وعلى رغم أن الحزب يؤمن بانتخاب الرئيس (الخليفة) في أدبياته، إلا أن رئيسه رضا بالحاج اعتبر أن الانتخابات وفق الدستور والقوانين التونسية لا معنى لها، وهي بحسب رأيه «مقيدة بشروط دولية»، أهمها الرضوخ إلى سياسات صندوق النقد الدولي والدول الكبرى. ووفق أدبيات حزب التحرير، فإن الخلافة تتأسس «وفقاً لحالة شعبية إسلامية تتحد فيها مكونات الشعب ورجال الدولة ورجال الجيش»، ذلك أن الانقلاب العسكري الذي يعبّر عن الحالة الإسلامية للشعب هو من طرق إقامة الخلافة، وهو ما لم ينفه رئيس حزب التحرير في حديثه مع «الحياة». وكان حزب التحرير في تونس حصل على تأشيرة العمل القانوني في حزيران (يونيو) العام الماضي على رغم أن قانون الأحزاب التونسي لا يسمح بتأسيس أي حزب على أساس الدين أو اللغة أو العرق. إلا أن الرأي العام السياسي ذهب إلى أفضلية منح حزب التحرير رخصة باعتبار أنه من الأحزاب الموجودة في البلاد سواء أخذ ترخيصاً أو بقي محظوراً. وفي هذا السياق، نفى رضا بالحاج تقديم حزب التحرير لتنازلات بغاية الحصول على ترخيص، مؤكداً أن حزبه لا يزال يؤمن بدولة الخلافة الإسلامية ولا يعتبر الدولة المدنية من الإسلام في شيء، كما أنه «حزب لا يحتكر الإسلام لنفسه». وفسّر الخبير ناجي جلول بأن منح حزب التحرير ترخيصاً قانونياً يندرج في سياق حرية التنظيم، باعتبار أنه من غير المعقول منع أي حزب من العمل، بالإضافة إلى أن «عمل حزب التحرير تحت طائلة القانون ومراقبة الدولة والأجهزة الأمنية يجعله أقل خطراً بخاصة وأنه حزب تعوّد على العمل السري طيلة عقود». في سياق آخر، اتهم رضا بالحاج حركة «النهضة» الإسلامية في تونس بأنها لا تملك من المرجعية الإسلامية غير الصلاة والشعارات وهي الآن تعرّف نفسها كحزب مدني محافظ. وفسّر ذلك بأنها لم تطبّق الشريعة منذ وصولها إلى الحكم منذ سنة ونصف، بالإضافة إلى رفضها أن يكون للشريعة مكان في مشروع الدستور الجديد وهو ما أثار، وفق رأيه، «تململاً» في أوساط القواعد النهضوية. وتتوزع الساحة الإسلامية في تونس بين حركة «النهضة» الإسلامية الحاكمة والتيار السلفي الجهادي «أنصار الشريعة» وحزب التحرير، وعلى رغم أن العلاقات بين مكونات التيار الإسلامي متوترة بخاصة في الفترة الأخيرة، إلا أن حزب التحرير اتخذ في العديد من المناسبات مواقف تدافع عن السلفية الجهادية مع العلم أن مشائخ سلفية تونسية تعتبر حزب التحرير «تحريفاً للإسلام». كما أن «النهضة» تعرّف نفسها دائماً على أنها التيار الإسلامي المعتدل الذي يضمن عدم الانجرار وراء تطرف حزب التحرير وعنف السلفية الجهادية. وبذلك تبقى الساحة الإسلامية منقسمة على رغم الخصام التاريخي بينها وبين مكونات الساحة العلمانية في تونس وبقية الدول العربية. تأجيل محاكمة ناشطات أوروبيات في «فيمن» على صعيد آخر (أ ف ب)، أرجأت محكمة الاستئناف بالعاصمة تونس الجمعة النظر في قضية تلاحق فيها 3 ناشطات أوروبيات بمنظمة «فيمن» النسائية العالمية للمحتجات عاريات الصدور، وذلك بسبب خطأ «إجرائي»، بحسب ما أعلن محاميهن صهيب البحري الذي طلب الافراج عنهن موقتاً. وكانت محكمة الناحية قضت في 12 حزيران (يونيو) الحالي بسجن الناشطات الثلاث 4 أشهر من أجل تظاهرهن عاريات الصدور في العاصمة تونس، ورفضت طلب محامين وكلتهم جمعيات اسلامية «القيام بالحق الشخصي» أي تمثيل هذه الجمعيات التي نددت بتعري ناشطات «فيمن» في تونس، أمام القضاء. وفي القانون التونسي، يحق لهذه الجمعيات استئناف حكم الرفض الابتدائي في أجل أقصاه 10 أيام من تاريخ صدوره (22 حزيران/يونيو) إلا أن محكمة الاستئناف لم تحترم انتهاء المهلة القانونية وعينت جلسة المحاكمة بتاريخ 21 حزيران (يونيو) وهو ما يعتبر «خطأ إجرائياً»، بحسب المحامي صهيب البحري.