هدد زعيم التيار «السلفي الجهادي» في تونس سيف الله بن حسين المكنى ب «أبو عياض» الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية بشن معارك شبيهة بمعارك أفغانستان والعراق وسورية، وذلك بعدما قامت وزارة الداخلية بمنع اجتماعات دعوية لما يُعرف بتنظيم «أنصار الشريعة» السلفي، لكونها لم تحصل على تراخيص مسبقة. ودعا «أبو عياض»، في رسالة إلى أنصاره أمس، «السلفيين الجهاديين» في تونس إلى «الثبات على الدعوة الإسلامية» وعدم التراجع عما اعتبرها «مكتسبات حققها التيار السلفي» في تونس بعد الثورة. وقال «إن شبابنا الذي أظهر من البطولات في الذود عن الإسلام في أفغانستان والشيشان والعراق والصومال والشام لن يتوانى عن التضحية من أجل دينه في أرض القيروان». واعتبر «أبو عياض»، في رسالته، أن أعوان الأمن والجيش في تونس «يرتكبون حماقات تنذر بأنهم يستعجلون المعركة»، مشدداً على «أن الشباب السلفي الجهادي لن يُهزم أمام أي قوة في الأرض». وتُعتبر رسالة «أبو عياض» الذي تلاحقه السلطات التونسية على خلفية أحداث السفارة الأميركية في أيلول (سبتمبر) الماضي، تصعيداً من جانب الجهاديين في تونس بخاصة في ظل حال الاحتقان التي تعيشها بعض المناطق على خلفية إصرار وزارة الداخلية على منع الأنشطة الدعوية لتنظيم «أنصار الشريعة» (أكبر تنظيم سلفي في تونس) وبالأخص الملتقى السنوي الثالث المزمع عقده في محافظة القيروان وسط البلاد في 19 أيار (مايو) الجاري. وتتمسك وزارة الداخلية برفض عقد مؤتمر «أنصار الشريعة» في القيروان نظراً إلى صعوبة الوضع الأمني في البلاد وفق تقديرها. وفي السياق نفسه، لم يستبعد الباحث في تاريخ الحضارة الإسلامية والجماعات الجهادية ناجي جلول أن تتضمن رسالة «أبو عياض» إشارات «مشفّرة» لأنصاره من السلفيين بالتحرك أو التصعيد ضد الحكومة والدولة. وفسّر في تصريح إلى «الحياة» التصعيد في اللهجة من زعيم السلفيين في ضوء «الهزائم التي يتكبدها الجهاديون في مالي والتضييق الحاصل عليهم في الجزائر وتنامي الغضب الشعبي في تونس ضدهم بعد أحداث الشعانبي الأخيرة». وأضاف أن «أبو عياض» يريد أن تكون تونس ملجأ للجهاديين بخاصة العائدين من جبهات القتال. ويمكن القول إن رسالة زعيم أنصار الشريعة في تونس ليست معزولة عن السياق العام بخاصة مع المواجهات الحاصلة في جبل الشعانبي المحاذي للجزائر غرب البلاد حيث تتمركز مجموعات مسلحة، وفق ما أكدته وزارتا الداخلية والدفاع، بالإضافة إلى المناوشات في بعض المحافظات الأخرى والتي يُعتقد بأنه يراد منها «تشتيت» جهود قوات الجيش والأمن التي تضيّق الخناق على المسلحين بعد محاصرتهم في جبل الشعانبي. كما أن التصعيد في اللهجة من قبل قيادات وأئمة سلفيين يندرج على ما يبدو في السياق ذاته أيضاً، إذ حذّر أحد الناشطين السلفيين في محافظة بنزرت شمال البلاد من استفزاز «أنصار الشريعة»، مهدداً بأن راية التوحيد (يسميها السلفيون «راية العقاب») سترفرف فوق وزارة الداخلية، وفق قوله. وتسرّب أوساط السلفية الجهادية أيضاً أن السلفيين يستعدون لاعتصام مفتوح بمناسبة مؤتمر القيروان في 19 الشهر الجاري لرفع مطلب أساسي هو «تحكيم الشريعة في تونس».