في خطوة مفاجئة ومن دون مقدمات، تراجعت شركة «غازبروم» الروسية عن تقديم أيّ عرض لشراء شركة الغاز اليونانية المعروفة اختصاراً ب «ذيبا». ونتيجة لذلك، بدأت تصدر التكهنات والتحليلات تصدر في الإعلام اليوناني، وكان أهمها أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ضغطا لعدم دخول «غازبروم» إلى سوق الغاز اليونانية. وبعد ذلك أعلنت «غازبروم» على لسان الناطق الرسمي باسمها سيرغي كوبرينانوف، أن الشركة «لم تتلق الضمانات المطلوبة بعدم تدهور الوضع الاقتصادي للشركة حتى لحظة اكتمال شرائها». ولفت إلى أن إجراءات شراء الشركة بعد انتهاء المسابقة «ربما تستغرق سنة كاملة وتشهد الشركة مشاكل خطيرة مثل عدم دفع المشتركين اشتراكاتهم»، فيما أكد «الحاجة إلى إعادة الهيكلة وفصل القسم التسييري منها». وقال: «لم تعط للمشتركين في المسابقة ضمانات بعدم تدهور الحالة الراهنة للتنظيمات الحكومية». وأوضح كوبريانوف، أن العوامل السابقة الذكر «تؤثر في قيمة الشركة، فيما المطلوب تحديد قيمتها في شكل نهائي منذ اللحظة من دون أخذ العوامل السابقة في الاعتبار». ولهذه الأسباب «لم نشترك في العرض»، على ما خلُص ممثل «غازبروم»، من دون أن ينسى تأكيد «عدم تخلي الشركة نهائياً عن السوق اليونانية على رغم انسحابها من العرض». قبل ذلك، كانت ثمة انسحابات من عروض لشراء الشركة المسيّرة لنظام الغاز الطبيعي في اليونان (ذيسفا)، التي بقي لها أملٌ وحيد في عرض شركة «سوكار» الأذرية الحكومية، التي تنوي تزويد أوروبا بالغاز الطبيعي من منابعها الخاصة. فشل العروض ويؤدي فشل هذه العروض، إلى تسجيل خسارة في برنامج التخصيص اليوناني المقدر بنحو بليون يورو يتوجب على حكومة ساماراس تغطيته. وكانت الحكومة اليونانية توصلت إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، على بيع حصة الدولة من شركة الغاز اليوناني (65 في المئة)، فيما ستباع النسبة المتبقية (35 في المئة) لشركة «هيلينيك بيتروليوم». كما كانت تنوي بيع شركة تسيير نظام الغاز الطبيعي (ذيسفا) مع الاحتفاظ بنسبة 34 في المئة منها. وأشارت وكالة «ريانوفوستي»، أن مسؤولاً أوروبياً أنذر الحكومة اليونانية أن اللجنة الأوروبية للتنافسية ستمنع إجراءات بيع شركة الغاز للشركة الروسية، في تناسق مع منشورات في الصحف اليونانية أفادت بوقوع ضغوط أوروبية. واستناداً إلى صحيفة «إليفثيروتيبيا»، فإن الطرف الأذري عرض مبلغاً يتراوح بين 400 مليون يورو و 450 مليوناً لشراء الشركة اليونانية المسيرة لنظام الغاز الطبيعي «ذيسفا». ولفتت إلى أن انطباعات المطلعين على الصفقة، لا تزال جيدة في شأن إتمامها، مع وجود مخاوف من تكرار تجربة «غازبروم» مع شركة الغاز اليونانية. وأعلنت الصحافية أثينا كالايتزوغلو من موقع «إينيرجيا» المتخصص بشؤون الطاقة في تصريح إلى «الحياة»، أن فشل الصفقة كان متوقعاً ولم يشكل لها أيّ صدمة، وتوجد سلسلة من الأسباب التي أدت إلى هذا الفشل، ومنها أن بين «غازبروم» والاتحاد الأوروبي قضايا مفتوحة متعلقة ببحث الإدارة العامة للتنافسية حول موقع الشركة الاحتكاري في بعض الدول الأوروبية، ولأنها ترفض التناغم مع الحزمة الثالثة للطاقة الخاصة بالتوأمة بين الدول الأوروبية الأعضاء في الترتيبات لسوق موحدة. مصادر طاقة بديلة وكان الاتحاد الأوروبي أعلن منذ فترة تذمره من ارتهانه للغاز الروسي، مع سعيه إلى مصادر طاقة بديلة من بينها الغاز الأذري الذي سينقل عبر خط «نابوكو» أو خط «تاب» أو كلاهما. كما تُعلّق آمال على كميات الغاز المكتشفة في مياه قبرص، لذا أصر الاتحاد الأوروبي على عدم دخول أي منقذ لقبرص خلال أزمتها في آذار (مارس) الماضي. ورأت كالايتزوغلو، أن الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة تركا اليونان تتفاوض مع «غازبروم» في الفترة التي كانا فيها يحتاجان إلى حل مشكلة قبرص. وعندما انتهت مشكلة قبرص وانسحبت «غازبروم» منها، تمّ إقناع اليونان بطرح مطالب على طاولة الحوار كان مؤكداً أن الشركة الروسية سترفضها، فيما كانت الحكومة اليونانية غير مستعدة لهذا التطور. ولا ترى كالايتزوغلو اهتماماً أذرياً، لأن العرض ليس لشركة الغاز اليونانية الأساسية (ذيبا) بل للشركة المسيرة لنظام الغاز (ذيسفا)، واعتبرت أن العرض المقبل لبيع شركة الغاز اليونانية لن يحدث قبل أقل من سنة. إذ أشارت إلى أن الحل للشركة سيكون من دون شك أوروبي المصدر، فيما المشترون المرشحون هم الروس والصينيون والقطريون، ولأن لدى الشركات الأوروبية مشاكل بسبب الركود الاقتصادي الذي يضرب أوروبا. لم تكن هذه الأجواء بعيدة من الشحن السياسي، فاليونانيون خصوصاً القوميين منهم، لديهم رغبة في إتمام الصفقات الكبرى التي تخص الدولة اليونانية مع روسيا الأرثوذكسية الأقرب فكراً وديانة لهم. فيما يمتعضون من قدوم أطراف آخرين لشراء مؤسسات في البلد، مثل الألمان أو الأتراك. وينطبق هذا الأمر طبعاً على الأذريين، الذين شددت مواقع يونانية يمينية على أنهم «ناطقون بالتركية».