يفترش عشرات العمال الآسيويين، جنبات حديقة عامة وسط مدينة الدمام، منذ أيام، في ظروف حياتية «صعبة»، يواجهون حرارة الشمس الحارقة، والرياح المحملة بالغبار، واضطر بعضهم إلى الشرب من المياه المستخدمة لري المزروعات في الحديقة، فيما يأكلون مما يجود به عليهم سعوديون ومقيمون آخرون. واضطر العمال الأجانب إلى ترك المساكن التي كانوا يعيشون فيها، بطلب من رفاقهم لكونهم مخالفين لأنظمة العمل والإقامة. ويخشى رفاقهم الذين يستأجرون المساكن من العقوبات التي قد تطبق عليهم، في حال قيام فرق وزارة العمل والأجهزة الأمنية بدهم مساكنهم، وضبط المخالفين فيها، بعد انتهاء المهملة الممنوحة للعمال الأجانب لتصحيح أوضاعهم. ولم يجد العمال المخالفون طريقة للخلاص من الأوضاع «الصعبة» التي يمرون بها، سوى تسليم أنفسهم إلى إدارة الوافدين التابعة للجوازات، إلا أنها رفضت استقبالهم، إلا بحضور كفلائهم. بينما لا يرد كفلاؤهم على الاتصالات الهاتفية التي يجريها العمال بهم. وقال أحد العمال ل «الحياة»: «طلب منا أصدقاؤنا الذين كنا نسكن معهم، مغادرة المنازل بأقصى سرعة، خوفاً من تعريضهم إلى المساءلة، لإيوائهم عمالاً مخالفين لأنظمة العمل والإقامة. فيما هم نظاميون. فيما أعلنت وزارة العمل نيتها دهم منازل العمال الأجانب بعد انتهاء فترة تصحيح الأوضاع، ما أوقع الرعب بين من كنا نسكن معهم»، مضيفاً «لم نجد مكاناً نلجأ إليه، إلا الشارع، علماً أننا ذهبنا إلى مقر إدارة الوافدين. ولم نجد تجاوباً من قبلهم». وانخرط العامل يوسف، في نوبة بكاء، وهو يشكو الجوع والعطش قائلاً: «الجو حار جداً، ولم نجد مأوى يحمينا، فالجميع يرفضنا»، ويمسح دموعه، ليعود إلى الحديث مرة أخرى، «لا نريد العمل، فقط نريد العودة إلى بلادنا، فلم نعد نتحمل حرارة الشمس، والجوع والعطش هنا». ولم يتحمل أحد العمال حرارة الشمس، وقلة الطعام، فتعرض لضربة شمس، نقل إثرها إلى أحد المستوصفات لنيل العلاج اللازم. ويروي قصته واصفاً حاله ب «المأسوي»، مضيفاً «نعيش ظروفاً صعبة للغاية، فإدارة الوافدين في الجوازات رفضت استقبالنا، وطلبوا منا البحث عن الكفلاء، أو إحضار خطابات لإنهاء إجراءات التسفير. فيما لا حول لنا ولا قوة بعد أن تكالبت علينا الظروف». عامل آخر كان يبكي بحرقة، باحثاً عن كفيله الذي استقدمه ليعمل لديه براتب 1500 ريال، ولكنه تفاجأ بأن راتبه 800 ريال، فهرب من أجل العمل لحسابه الخاص، ولم يعد يعلم شيئاً عن كفيله. فيما هناك عمال آخرون يعانون من مشكلات أخرى، مثل العمل الحر، وإعطاء مبلغ شهري للكفيل الذي تخلى عنهم في هذه الظروف، وقصص وحكايات أخرى، تسمعها من العمال، تتراوح بين «المؤسفة» و«المؤلمة». وقال «فاعل خير»، تبرع بتأمين وجبات غذاء للعمال: «حال هؤلاء العمال مؤلم، ووضعهم يتطلب تدخلاً من الجهات الحقوقية، ليس لإعادتهم إلى العمل، وإنما لإكرامهم بتسفيرهم إلى بلادهم، فهم يعيشون العطش والجوع، فيما الظروف المناخية قاسية، حيث الحرارة والغبار، وقريباً، ستكون الأجواء الخانقة، حين تبدأ الرطوبة»، مضيفاً «حتى لو كانوا مخالفين لأنظمة العمل والإقامة، فإن هذا لا يجب أن يجردنا من إنسانيتنا وما يأمرنا به ديننا وأخلاقنا، من الإحسان إلى الضعيف والمحتاج، على الأقل بتسفيرهم إلى بلدانهم، واحترام إنسانيتهم». وحاولت «الحياة»، الحصول على تعقيب من إدارة الجوازات في المنطقة الشرقية، وعلى رغم المحاولات المتكررة لم يتسنَ لها ذلك، إلا أن موظفاً في إدارة الوافدين، قال في اتصال هاتفي مع «الحياة»: «نحن على استعداد لاستقبال أي عمال مخالفين، لتصحيح أوضاعهم، أو تسفيرهم، من دون الرجوع إلى الكفيل» وأغلق الهاتف. يذكر أن إدارة الوافدين في المنطقة الشرقية، أوضحت أن هناك «ألفي مراجع يومياً، وهناك خطة لاستقبال هذا الكم الكبير من العمال الأجانب، من خلال زيادة عدد الموظفين، والعمل على مدار 24 ساعة. إضافة إلى مواعيد محددة، وذلك بالتعاون مع ممثلي السفارات من مختلف الدول».