فيما تتبلور الشبكة الإلكترونية الدولية بوصفها بُعداً أساسياً في الاستراتيجية العليا للدولة المعاصرة، ومع ملاحظة خواء عربي ضخم في هذا الأمر، أعلنت الحكومة البريطانية أنها تعتزم تشييد «المركز العالمي للأمن الإلكتروني وبناء القدرات» في كلية «مارتن» في جامعة «أُكسفورد»، في سياق برنامج يقضي بتعزيز المعايير العالمية للدفاع الإلكتروني. في هذا السياق، ألقيت على عاتق المركز مهمة واسعة النطاق في مجال حماية الحدود الافتراضية وأمنها. جاء الإعلان عن بناء المركز على لسان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، مع الإشارة إلى أن إطلاق «المركز العالمي للأمن الإلكتروني وبناء القدرات» Global Center for Cyber Security Capacity Building تزامن مع اجتماع وزراء خارجية الدول الثماني في بريطانيا قبل أيام، كما أن موازنة المشروع تحددت بقرابة 500 ألف جنيه استرليني سنوياً لمدة سنتين، يوفرها «البرنامج الوطني للأمن الإلكتروني» National Program for Cyber Security في المملكة المتحدة. ومن المؤمل أن يكون هذا المركز الذي يعتبر أول في نوعه، مورداً لأفضل الممارسات بنظر المملكة المتحدة وحلفائها، وأن يحفز مبادرات البحث المشتركة التي تتناول الأمن الإلكتروني وتحديد المعايير المرتبطة بالتخطيط للقدرات الأساسية واستحداث دليل عملي حول الخبرة والموارد في مجال الأمن الإلكتروني. التهديد المعلوماتي في هذا السياق، لفت هيغ إلى أن المركز الجديد يعمل على تنسيق الأعمال العالمية المرتبطة بالتهديدات المعلوماتية، والسياسات المعلوماتية التي ستساعد على حماية أمن المملكة البريطانية. وفي وقت سابق، التزم فرنسيس مود، وزير الأمن الإلكتروني في مكتب مجلس الوزراء البريطاني، بناء المركز في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، خلال مؤتمر بودابست حول الوضع الاستراتيجي في توازنات القوى داخل الفضاء الإلكتروني. وكذلك لفتت سادي كريز، وهي رئيسة المركز وأستاذة في مجال الأمن الإلكتروني، إلى أن المركز يتوقع أن يركز على الربط بين ما تتوصل إليه بحوث الحكومة وبين المجتمع والمنظمات والمؤسسات، بطريقة تسمح بتحديد الأولويات العالمية في مجال بناء القدرات في مجال الأمن الإلكتروني. وتابعت: «نرصد الفرص التي تسمح بتوفير دعم متبادل وتطوير دولي، وتحفيز الاستثمار في مجالات بالغة الأهمية في مجال بناء القدرات، ودعم زيادة قدرتها بطرق مناسبة للتأكد من إنشاء فضاء إلكتروني قادر على مواصلة النمو والابتكار دعماً للرفاهية، وحقوق الإنسان، والازدهار للجميع». ويُعتَبر المركز العنصر الأحدث ضمن سلسلة من الاستثمارات التي أقدمت عليها الحكومة البريطانية في مجال الأمن الإلكتروني خلال السنوات الثلاث الماضية، إذ تراوحت تلك الاستثمارات بين استثمارات تقليدية على غرار «مسابقة تحدي الأمن الإلكتروني» التي صُممَت لتسليط الضوء على مهارات «قراصنة الكومبيوتر» («هاكرز») ممن يتعاونون مع الحكومة في تحسين الأمن الإلكتروني من جهة، ومبادرات متفرقة من القطاع الخاص، على غرار ما فعلته مؤسسة «فيوجن سيل» المنخرطة في جهود دؤوبة لرصد الهجمات الإلكترونية التي تطاول القطاعين العام والخاص عبر الإنترنت، ومحاولة التوصل إلى أساليب مناسبة في الوقاية منها. القسم العلمي - بالتعاون مع مركز الترجمة في دار «الحياة»