على رغم أن المملكة المتحدة مهدّدة بأن تتقلّص جغرافياً وسياسياً بانفصال اسكوتلندا عنها بأثر من استفتاء في 2014، انشغلت بابتكار طرق غير مألوفة للحفاظ على الأمن المعلوماتي على الإنترنت واتّخذت خطوتين كبيرتين في هذا السياق، إذ أطلقت «وكالة الاستخبارات البريطانية للتنصّت وجمع المعلومات الاستخباراتية» المعروفة باسم «مركز قيادة الاتصالات الحكومية»، أخيراً، مسابقة لتشجيع المجندين من ذوي المهارات العالية في تقنيات الكومبيوتر، على تطوير طُرُق حماية ضد الهجمات الإلكترونية والتصدي للجريمة عبر شبكة الإنترنت. ورصدت وسائل إعلام بريطانية هذه الخطوة قائلة إن هذه الوكالة البريطانية تهدف من وراء المسابقة إلى تشجيع أفراد الجمهور على المساعدة في مكافحة التهديد المتزايد للهجمات الإلكترونية، عن طريق اختبار مهاراتهم وتجنيد المتميّزين بينهم للعمل لديها. وأشارت غير صحيفة بريطانية، منها ال «غارديان»، إلى أن عميلاً في الوكالة يُعرف باسم (كارل) صمم هذه المسابقة التي تحاكي حماية جهاز حاسوب حكومي من جرائم الإنترنت، لاعتقاده بعدم توافر نظام يحمي مثل هذه الأنظمة من الهجمات الإلكترونية. وأوضحت أن المنافسة تختبر مهارات المشاركين في منع الهجمات الإلكترونية من الدول المعادية، وعصابات الجريمة المنظمة، وقراصنة الكومبيوتر. وقبل فترة وجيزة، حذّر «مركز قيادة الاتصالات الحكومية»، من أن تقدم تكنولوجيا الاتصالات قلّص قدراته في التنصّت على الإرهابيين والمجرمين، واعتراض المكالمات عبر الشبكات اللاسلكية الرقمية وغيرها. وأعرب متابعون عن اعتقادهم بأن هذه المشكلة دفعت وزارة الداخلية البريطانية إلى وضع خطط لمراقبة الاتصالات عبر الإنترنت، ومطالبة شركات الهاتف والإنترنت بأن تحتفظ بسجلات البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية والرسائل النصية على مواقع الشبكات الاجتماعية مثل «فايسبوك». خط ساخن لأمن الإنترنت في السياق ذاته، استعارت بريطانيا شيئاً من مُكوّنات الحرب الباردة، بأن بدأت محادثات تمهيدية مع الصين وروسيا في شأن إنشاء «خط ساخن» لأمن الإنترنت، للمساعدة على منع حالات الطوارئ من الخروج عن السيطرة. وفي الحرب الباردة، استُخدم الخط الساخن بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي لمواجهة الأزمات التي تهدد السلم العالمي، على غرار أزمة الصواريخ السوفياتية في كوبا في ستينات القرن العشرين. ووصفت وسائل إعلام بريطانية هذه المحادثات بأنها لا تزال في مرحلة مبكرة، لكنها تعكس قلق الأطراف المشاركة جميعها من إمكان وقوع كارثة في الفضاء الإلكتروني، سواء بصورة متعمدة أم عرضية، تؤدي إلى عواقب وخيمة ما لم تكن هناك طريقة سريعة وموثوقة تمكّن مسؤولي الدول ال 3 من التواصل مع بعضهم بعضاً، خصوصاً أن الثقة بين هذه البلدان بتصرفات بعضها بعضاً في الفضاء الافتراضي، شبه معدومة! وكذلك تردّد أن روسيا والصين تدعمان فرض قيود أشد على الإنترنت من قبل الدول في المستقبل، وأن تحكم المعاهدات الرسمية للحد من التسلح ما يمكن للبلدان أن تفعله في هذا المجال. إذ تعارض الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة هذا التوجه، وترى المملكة المتحدة أن فرض ضوابط على شبكة الإنترنت من شأنه أن يقيّد النمو الاقتصادي وحرية التعبير. وأشار ديبلوماسيون غربيون إلى إحراز بعض التقدّم في التوفيق بين هذين الموقفين، لكنهم أوضحوا أيضاً أن الهوّة بينهما لا تزال ضخمة، ما يعني أن المفاوضات تسير بوتيرة بطيئة. وتناقلت مواقع على الإنترنت تصريحاً لمسؤول وُصف ب «البارز» في وزارة الخارجية البريطانية، مفاده أن المملكة المتحدة لا تملك ترتيبات لتقاسم معلومات واسعة عن أمن الإنترنت مع دول مثل الصين، ولا تحوز طرقاً ملائمة للاتصال معها عند وقوع أزمة. ونُقِل عن المسؤول اعتقاده بأن الروس والصينيين يستمتعون بمثل هذه الحال من عدم اليقين، ولا يعرفون إلى من يتجهون ومع من يتحدثون إذا ما تعرضوا لأزمة في نُظُم الإنترنت. وقبل أيام، انطلقت في بودابست أعمال مؤتمر دولي عن أمن الإنترنت بمشاركة 600 ديبلوماسي من نحو 50 دولة، لمتابعة توصيات مؤتمر مشابه استضافته لندن العام الماضي.