على رغم مرور سنتين على هبة بقيمة مليون دولار منحتها الولاياتالمتحدة للمغرب لتكوين نزلاء مراكز الحماية والعاملين فيها، إلا أن تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان رسم أخيراً صورة قاتمة عن أوضاع مراكز حماية الأطفال في المغرب. وكشف التقرير أن هؤلاء الأحداث يصطدمون بواقع مرير داخل المراكز، حيث لا احترام لقواعد ومعايير اتفاقية حقوق الطفل والمبادئ التوجيهية لعدالة الأحداث إذ يتم إيداعهم في المؤسسات بكثرة، وأحياناً يوضعون مع المدمنين على المخدرات، وهو ما ينتج منه عدد من المشاكل من بينها هروب الأحداث إلى الشارع. وعبر إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في ندوة صحافية عقدت أخيراً في الرباط، قدم فيها خلاصات تقرير مراكز حماية الطفولة، عن قلقه إزاء «الوضعية المزرية» لعدد كبير من الأطفال المودعين في المراكز، لافتاً إلى أن الزيارات الميدانية للمراكز من قبل ممثلين عن المجلس مكنتهم من تكوين «صورة قاتمة». ودعا اليزمي وزارتي العدل والحريات والشباب والرياضة إلى الإسراع باتخاذ إجراءات ذات طابع استعجالي، لتقويم وضع الأطفال المودعين في هذه المراكز، بهدف تقويم حالتهم الصحية، وتمكينهم من العلاجات اللازمة، لإعادة إدماجهم. وبهدف حماية الأطفال من كل أشكال العنف وسوء المعاملة والتعسف والاستغلال في تلك المراكز، دعا تقرير المجلس، إلى جعل أعمال القطاعات الحكومية المشرفة على مراكز الطفولة لآليات التظلم تصب في مصلحة الأطفال، وتكون مستقلة وسهلة الولوج وميسرة للجميع دون تمييز، وتضمن حماية المصلحة الفضلى للأطفال. وأوصى التقرير من خلال نتائج الزيارات الميدانية والمقابلات التي قام بها المجلس بوضع سياسة وطنية مندمجة، ترتكز على تنفيذ المبادئ العامة لاتفاقية حقوق الطفل ومقتضياتها، وشدد على ضرورة أن تشمل سياسة الحكومة عدالة ملائمة للأطفال، وبرامج للتكفل الشامل وللتتبع سهلة الولوج من لدن الأطفال في تماس مع القانون، سواء كانوا ضحايا أم شهوداً أم مرتكبي فعل جرمي، أم في وضعية صعبة، وأن تتوافر سياسة الحكومة على تدابير بديلة للحرمان من الحرية وللإيداع في المؤسسات، مع إحداث الحكومة لبرامج للدعم الأسري وللمساعدة على الأبوة، والوقاية، وتوفير تدابير بديلة للحرمان من الحرية وللإيداع في المؤسسات. إضافة الى وضع استراتيجية محددة للتكوين الأساسي والمستمر لضباط الشرطة، والدرك، والقضاة، والنيابة العامة، وقضاة الجنايات، والطاقم التربوي، ومديري المراكز، والمساعدات الاجتماعيات، والباحثات الاجتماعيات، والمحامين، وكل العاملين المتدخلين لدى الأطفال في تماس مع القانون. وحث المجلس الوطني وزارة العدل والحريات على عدم اللجوء للإيداع في المؤسسات والحرمان من الحرية إلا كملاذ أخير، وتفضيل التكفل بالأطفال في وضعية صعبة في الوسط الطبيعي على إيداعهم في أحد المراكز، وإعمال الوسائل المادية والموارد البشرية الضرورية لتأمين التطبيق الفعلي للقوانين والإجراءات القضائية، لضمان حق الأطفال في الاستماع إليهم وإخبارهم، والحق في المساعدة القانونية المناسبة، والحق في الحماية وفي تكفل ملائم ذي جودة، وضمان التتبع والتقييم التلقائي لمدى تطبيق القوانين. تجدر الإشارة إلى أن شبكة مراكز حماية الطفولة تتكون حالياً من 20 مركزاً، ثلاثة منها مغلقة حالياً بهدف الإصلاحات وبذلك تقدر الطاقة الاستيعابية للمراكز المتبقية بألف و852 نزيلاً (1252 للذكور و600 للإناث)، غير أن نسبة امتلائها تتغير كثيراً وتوزيعها الجغرافي متفاوت.