كثّفت أحزاب المعارضة الجزائرية من اللقاءات «المغلقة» في الساعات الماضية لبحث الغياب المستمر للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة المتواجد في فترة نقاهة منذ أربعين يوماً في باريس. وبينما قال تكتل إسلامي معارض إن حالة الغموض بشأن بوتفليقة «لا تخدم المصلحة الوطنية»، بدأ تكتل آخر يضم أكثر من عشرة أحزاب «نقاشاً حول قرارات محتملة بخصوص غياب بوتفليقة». وتحاول أحزاب معارضة ممارسة ضغط أكبر على الحكومة علّها تنجح في جعلها تكشف المزيد من المعطيات حول مرض الرئيس الجزائري، الغائب منذ شهر وعشرة أيام في رحلة علاج ونقاهة. لكن الملاحظ أنه كلما زاد ضغط المعارضة قلّت بيانات الحكومة في شأن صحة الرئيس. وامتنعت رئاسة الوزراء في الأيام الأخيرة عن التعليق على تصريحات قالت بنهاية «الحياة السياسية» لبوتفليقة. واجتمع رؤساء ما بات يُعرف ب «أحزاب الذاكرة والسيادة» التي تضم أكثر من 10 تشكيلات سياسية وتنظيمات جماهيرية مدنية، في جلسة مغلقة وصفتها نعيمة صالحي التي ترأس «حزب العدل والبيان» كالآتي: «من أجل درس الوضع الخطير الذي تمر به البلاد في ظل غياب رئيس الجمهورية المتصدر لكل مؤسسات السيادة في البلاد... النقاش مفتوح إلى غاية الوصول إلى القرارات المتفق عليها». وليس هذا هو الاجتماع الأول لهذا التكتل السياسي - الذي ولد عشية زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للجزائر في كانون الأول (ديسمبر) الماضي - المخصص لبحث مسألة غياب بوتفليقة، لذلك ليس من المتوقع أن تتجاوب الحكومة مع الضغوط التي يمارسها بما أنها تفتقد سنداً برلمانياً أو شعبياً. ولم تصدر الحكومة أي بيان جديد حول تاريخ عودة الرئيس للبلاد وهي تكتفي بدفع مسؤولين سياسيين للتحدث نيابة عنها إما بتطمين الجزائريين حول تحسن صحة الرئيس أو الرد على معارضين يريدون تسريع انتقال السلطة. وفي السياق نفسه اعتبر قادة «تكتل الجزائر الخضراء» الذي يضم ثلاثة أحزاب إسلامية هي حركة مجتمع السلم والنهضة والإصلاح، استمرار ما وصفوه ب «حال الغموض التي تكتنف الساحة السياسية في الجزائر» بأنها «لا تخدم المصلحة الوطنية، وتهدد استقرار البلاد، وتكرس التجارب الفاشلة التي أدت إلى احتكار صناعة المشهد السياسي، والالتفاف على إرادة الشعب»، في إشارة إلى غياب رئيس الجمهورية، بسبب الوعكة الصحية التي ألمت به منذ 27 نيسان (أبريل) وعدم وضوح الرؤية بشأن قدرة استمراره في الحكم. وأشار قادة التحالف الإسلامي، في بيان لهم مساء أول من أمس، في أعقاب اجتماع مغلق جمع عبدالرزاق مقري وفاتح ربيعي وجهيد يونسي، في مقر حركة الإصلاح، إلى أن حال التكتم المعتمدة من قِبل السلطات العمومية بشأن غياب الرئيس الذي دخل أسبوعه الخامس من شأنها أن تزيد من تعقيد الوضع، أو كما جاء في البيان «تهدّد استقرار البلاد». ويحمل بيان «تكتل الجزائر الخضراء» حالة من التخوف لدى قادة التيار الإسلامي من أن الضبابية المحيطة بمرض الرئيس مردها إلى كون من تسميهم «محتكري صناعة المشهد السياسي»، يريدون الاستفراد بترتيب المشهد السياسي. ويغذّي مرض الرئيس وطول فترة غيابه الحديث عن طي صفحة حكم بوتفليقة وبداية التفكير في خليفته، من خلال ما بدأ يتردد في الساحة من طرح أسماء للمرشحين المحتملين الذين سيتنافسون على مقعد قصر المرادية. وبرزت في الأيام الماضية تكتلات سياسية وأخرى بين شخصيات مستقلة، بعضها يدعو إلى مرحلة انتقالية يقودها الرئيس السابق ليمين زروال على رأس قيادة جماعية، وبعضها يدعم رؤساء حكومات سابقين بينهم أحمد بن بيتور وعلي بن فليس، وتطول قائمة المرشحين في المزاد المفتوح لرؤساء الحكومة السابقين مثل مولود حمروش وأحمد أويحيى وأيضاً لعبدالعزيز بلخادم ورئيس الوزراء الحالي عبدالمالك سلال، وحتى شخصيات عسكرية كالمدير العام للأمن عبدالغني هامل، وعبدالمالك قنايزية الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني.