يثير استمرار وجود الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة للعلاج في فرنسا منذ أكثر من شهر تساؤلات واسعة في شأن وضعه الصحي ومدى تجاوبه مع العلاج الذي يخضع له إثر تعرضه لجلطة «عابرة»، كما قالت السلطات الجزائرية. وفي حين تصدر ردود فعل لسياسيين جزائريين على تطورات الوضع الصحي لرئيسهم الذي أُدخل إلى مستشفى «فال دوغراس» العسكري في باريس في 27 نيسان (ابريل) قبل نقله لاستكمال العلاج في جناح طبي في المركز العسكري «لي زانفليد»، فإن الأوساط الفرنسية المسؤولة بقيت متكتمة حول هذا الموضوع لحرصها على مراعاة القيادة الجزائرية، كما يبدو. ولوحظ أن سياسة الكتمان سادت كل الأوساط الوزارية الفرنسية باستثناء الرئيس فرانسوا هولاند الذي قال إن صحة الرئيس بوتفليقة باتت أفضل. لكن معلومات «الحياة» في العاصمة الفرنسية، والمستقاة من مصادر قريبة من الأوساط الطبية، أفادت بأن الجلطة التي تعرّض لها بوتفليقة أخطر مما تم تصويره من القيادة الجزائرية. لكن المصادر اوضحت أن الرئيس لا يواجه خطرا على حياته إذ أن صحته العامة أفضل مما كانت عليه، لكن الجلطة التي تعرّض لها تركت تأثيراً أكبر مما تم تصويره، وقالت إن عودته إلى ممارسة الحكم «مستبعدة» نظراً إلى هذه الظروف الصحية. وتقول مصادر جزائرية إن استمرار القيادة الجزائرية في القول إن الرئيس في صحة أفضل وإنه سيعود إلى بلاده في خلال أيام قليلة سببه أن هذه القيادة التي تتشكّل من عدد من القياديين العسكريين أشهرهم رئيس مؤسسسة الأمن العسكري محمد ميدين (توفيق) تفكّر حالياً في مرحلة ما بعد بوتفليقة. وهي تدرس فكرة إما تقديم موعد الانتخابات الرئاسية من نيسان (ابريل) 2014 إلى موعد أقرب أو استخدام المادة 88 من الدستور التي تتعلق بالظروف التي تنص على القول إن الرئيس لا يمكنه أن يمارس مهماته الرئاسية لأسباب معينة. وتقول هذه المصادر إن بورصة أسماء المرشحين للرئاسة والمقبولين من المؤسسة العسكرية بدأت تظهر كتسريبات في مختلف الصحف الجزائرية، ومن بين هذه الأسماء رئيس الحكومة الحالي عبدالمالك سلال والرئيس الجزائري السابق ليمين زروال ورؤساء الحكومة السابقين أحمد بن بيتور وأحمد أويحيى ومولود حمروش وعلي بن فليس وأيضاً عبدالعزيز بلخادم. وتضيف هذه المصادر أن المؤسسة العسكرية، على رغم كل التصريحات المتفائلة بأن بوتفليقة بات في صحة أفضل، بدأت تعد للمرحلة المقبلة. وكان المغنّي الفرنسي الشهير انريكو ماسياس الذي تربطه صداقة متينة ببوتفليقة قال على هامش حضوره منتدى قطر في حديث لصحافيين فرنسيين إنه زار الرئيس الجزائري في المستشفى ووجده متعباً جداً. لكن ماسياس عاد ونفى أن يكون قد قال ذلك. ونقلت صحيفة «لو باريزيان» عن مصادر ديبلوماسية فرنسية أمس إن القلائل الذين اطلعوا على التقرير الطبي عن صحة بوتفليقة لاحظوا أن بإمكانه العودة إلى الجزائر نظراً إلى أن وضعه الصحي يسمح بذلك، لكنها قالت إنه لا يمكنه العودة إلى ممارسة الحكم. والملاحظ أن ليس هناك أي صورة أو بث تلفزيوني يُنقل عن بوتفليقة خلال فترة تواجده للعلاج في باريس.