ثمة ود مفقود بين المالكي، والمقربين منه، وبين العشائر العراقية، وإن شئت فإن المالكي يتعامل مع العشائر العربية والبدو في العراق باعتبارهم جزءاً من النظام السابق، ولحمة العراق التقليدي التي يريد المالكي إزالته من الوجود، ولهذا يأخذ عليهم، او يتهمهم، بدعم المقاومة، التي يصنفها المالكي بالجملة كعمل «إرهابي»، في حين ان البدو ينعتونها ب «المقاومة الشريفة»، ويدللون سياسياً على موقفهم بسعي واشنطن وبعض الأوروبيين الى التفاوض مع رموزها، والتفكير في إشراكهم في الحكم. لا أحد يلوم المالكي او غيره على محاربة ما يسمى ب «الإرهاب» في العراق، لكن مشكلة المالكي وجماعته انهم لا يؤمنون بمبدأ مقاومة الاحتلال، وكل من يرفع شعار المقاومة فهو في نظرهم إرهابي، او بعثي، او عميل للنظام السابق، وهذا موقف يصعب قبوله، إضافة الى انه ينطوي على تماه مع رؤية المحتل، ومزاودة في تعويم وإلغاء مفهوم المقاومة، وخلط عمل العصابات والتنظيمات المأجورة، بعمل الوطنيين والأحرار العراقيين. الأكيد ان موقف المالكي من تهميش دور القبائل، وإلغاء موقعها في تثبيت السلم الأهلي، ليس نابعاً من قلة الخبرة والجهل بتركيبة العراق الاجتماعية والسياسية، بقدر ما هو نابع من الاعتقاد بأن إضعاف دور القبائل العربية والبدو وسيلة للتسريع بولادة العراق الجديد، المتفلت من أصوله العربية وثقافتها. لكن الحماسة في تنفيذ هذا التوجه ستكون اخطر على الوضع العراقي من حل الجيش وتدمير مؤسسات الدولة، وإذا كان الحاكم الأميركي للعراق، بعد صدام حسين، بول برايمر، قوَّض شرعية الدولة العراقية بإلغاء الجيش والمؤسسات الأمنية، فإن إضعاف دور القبائل ومصادمتها والعبث بالتركيبة القبلية، سيقوِّض العراق برمته ويدخل «منطقة العراق» في حرب أهلية طاحنة. المؤسف ان حكومة المالكي تريد إضعاف دور القبائل وتغيير موقعها الاجتماعي، بدعوى العملية السياسية والعراق الديموقراطي الجديد، لكن الواقع يشير الى ان هذا التحرك هدفه الاستعداء على القبائل وكسر سيطرتها على أنحاء العراق، بدعوى كلمات حق يراد بها باطل، وصولاً الى إحلال الطوائف مكان العشائر، وتحقيق الهدف الثاني لاحتلال العراق.