أطلق تنظيم محسوب على ما يُعرف ب «الأسرة الثورية» في الجزائر أول دعوة إلى تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة على خلفية مرض الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وعدم وضوح الصورة في شأن مستقبله السياسي. ودعا هذا التنظيم إلى الوقوف إلى جانب رئيس الحكومة السابق علي بن فليس ليكون «مرشح إجماع» في هذه الرئاسيات على أساس أنه «الرجل الأجدر والأنسب» لقيادة البلاد مستقبلاً. ويقول مراقبون إن تولي تنظيمات جماهيرية دعوة أحد الشخصيات إلى الترشح أسلوب سياسي معروف يتم عادة ب «إيعاز» من النخب الحاكمة، لكن ذلك لا يمكن تأكيده بالنسبة إلى موقف «جمعية أبناء الشهداء لمنطقة الجزائر الحرة» في شأن دعوة بن فليس إلى الترشح للرئاسة، علماً أن الأخير خسر الاقتراع الرئاسي في مواجهة بوتفليقة في ولايته الثانية. وأعلنت «جمعية أبناء الشهداء لمنطقة الجزائر الحرة»، في بيان، أن «الوقت الراهن يتطلب منا الإسراع في المرور إلى إجراء انتخابات رئاسية مسبقة» من أجل «إنقاذ ما يمكن إنقاذه»، من دون أن الإشارة إلى مرض الرئيس بوتفليقة الموجود في باريس للعلاج. لكن أحد مسؤولي التنظيم قال ل «الحياة»: «نتمنى الشفاء لرئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة، لكن الأخبار التي وصلتنا تفيد بأن وضعه الصحي لا يسمح له أن يكمل ولايته الثالثة» التي تنتهي عام 2014. وقالت الجمعية في بيان تسلمت «الحياة» نسخة منه إنها توجّه نداء «إلى جميع أبناء الشهداء وإلى الأسرة الثورية ككل وإلى كل المواطنين المخلصين» لدعم رئيس الحكومة السابق بن فليس. وأضافت: «بعد اتصالات ومشاورات عدة مع بعض الرموز الثورية ومتقاعدي الجيش ومن ضباط سامين ومحللين وبعض الإطارات السياسية توضّحت لنا الرؤية في اختيار الرجل الأنسب والأجدر للترشح للاستحقاقات الرئاسية المقبلة وهو السيد ابن السي بلقاسم علي بن فليس». ويرفض علي بن فليس التعاطي مع الدعوات التي تحضه على الترشح للرئاسيات المقبلة. وهو قال في وقت سابق في اتصال هاتفي مع «الحياة» إنه يرفض التعليق على كل ما يروج في هذا الشأن. لكن ثمة معلومات متداولة في خصوص وجود فريق عمل يُسمي نفسه ب «الأوفياء» لرئيس الحكومة السابق بدأ في تشكيل لجان مساندة له في ولايات جزائرية. ودرج بن فليس في الفترة الأخيرة على استقبال «المؤيدين» وهم في الغالب إطارات ومناضلون في جبهة التحرير الوطني كانوا إلى جانبه في حملته في الرئاسيات التي خسرها عام 2004 في مواجهة عبدالعزيز بوتفليقة. وقال مسؤول قريب من بن فليس عندما سئل إن كان في نيته الترشح للرئاسيات: «بالطبع سيترشح، لكن الوقت لم يحن لإعلان ذلك». ولوحظ أن بيان «التنظيم الثوري» - «جمعية أبناء الشهداء لمنطقة الجزائر الحرة» - تضمن معطيات سلبية عن واقع الجزائر، من دون أي تلميح مباشر إلى مسؤولية بوتفليقة وراءها. وذكر البيان أن «الجزائر تغتصب وتنهار وتغرق في الاحتجاجات والاضطرابات للمطالبة بالحقوق التي هضمت من الحكومات المتعاقبة». ومن المحتمل أن تكون دعوة هذا التنظيم الجماهيري - وإن كان ليس بحجم كبرى تنظيمات «الأسرة الثورية» - ليست عفوية، في تكرار لسلوك معروف لدى النخب الحاكمة بدفع تنظيمات غير معروفة إلى الجهر بالقرارات التي تُتخذ عادة وفق عُرف «التوافق والتوازنات». ومعلوم أن الرئيس بوتفليقة غائب عن الجزائر في رحلة علاج مند نحو خمسة أسابيع. وعلى رغم الوعود الكثيرة للحكومة بعودته القريبة، إلا أنه لا يزال في فترة نقاهة بباريس. وسيتولى الوزير الأول عبدالمالك سلال مسؤولية استقبال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي يحل اليوم بالجزائر. ومن المقرر أن يزور رئيس دولة الصين الشعبية شي جين بينغ الجزائر في العاشر من الشهر الجاري، لكن من غير الواضح أيضاً ما إذا كان الرئيس بوتفليقة سيكون قادراً على استقباله.