شنّ عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني هجوماً نادراً على إسرائيل، مؤكداً أن العالم يواجه اليوم ما سمّاه «تطرفاً صهيونياً وإسلامياً»، ولفت الى ان هناك «حرباً أهلية» تدور داخل الاسلام بين قوى «الاعتدال والتطرف»، في حين علمت «الحياة» أن عمان، في حال تعرضت لضغوط دولية وإقليمية للدخول في حرب برية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ستتدخل بقوات خاصة تكون مهمتها تنفيذ عمليات خاطفة ضد معاقل التنظيم. وقال الملك عبدالله خلال لقائه عدداً من قيادات الدولة وبعض النواب مساء أول من أمس إن «العالم يواجه حرباً بين الاعتدال والتطرف (...)»، مضيفاً أن «هناك حرباً أهلية داخل الإسلام بسبب وجود التطرف الإسلامي، لكن للأسف نحن كعرب ومسلمين لم نشعر لغاية الآن بخطورة هذا الوضع». وظهر الملك في تسجيل مصور وزعه الديوان الملكي الأردني في وقت متأخر من ليل الثلثاء - الأربعاء على وسائل الإعلام وهو يرتدي البزة العسكرية وإلى جواره رئيس الوزراء عبدالله النسور. وأضاف: «عندما أجلس مع اصدقائي في الدول العربية والإسلامية والغربية أقول لهم: إذا أردنا أن نحارب التطرف في العالم لا يجب القول إن السنّة هم المشكلة (...) هناك تطرف من كل الجهات». وتابع: «نحن كدولة أردنية بالتعاون مع تحالف عربي إسلامي نريد أن نحارب التطرف داخل الإسلام، لكن إسرائيل تريد كل 5 دقائق أن تذبح أولادنا في غزة والقدس». وزاد: «على الجميع ان يدرك ان المشكلة هي بين الاعتدال والتطرف، الامر الذي يتطلب من الجميع تحديد موقفه بين نهج الاعتدال والتطرف، وهو أمر لا يحتمل موقفاً رمادياً». وأردف ان «المملكة الأردنية الهاشمية كانت وستستمر على الدوام في محاربة الإرهاب والتطرف، بغض النظر عن مصدره، وجميع من يروجون له سواء باسم الدين، وهو منه براء، أو غيره». وأوضح ان «مشاركة الأردن إلى جانب دول شقيقة وصديقة في الحرب على الارهاب يصب في حماية مصالح المملكة وتعزيز أمنها، وسط ما تعانيه دول الجوار والمنطقة ككل من فوضى». واستطرد قائلاً إن «أمد الحرب التي تشهدها المنطقة لن يكون عاماً أو عامين، وإنما سيتواصل من 10 الى 15 عاماً». وزاد: «نأمل أن تكون مدة الحرب العسكرية قصيرة، لكن الحرب الأمنية ستأخذ وقتاً من 5 الى 10 سنوات، فيما الحرب الأيديولوجية ستأخذ وقتاً أطول». واعتبر الملك أن «الأردن كدولة هاشمية تقع في محيط جغرافي مضطرب لا تحمي المسلمين فقط في بلدها والإقليم، لكنها تحمي المسيحيين أيضاً». ورأى أن «القصص التي تحدث في العراق وسورية بالنسبة لإخواننا المسيحيين كارثية، وبقوة الأردنيين ستكون الحرب بعيدة عن حدودنا، وهذا هدفنا الرئيسي». واضاف: «نعمل حالياً على إنشاء تحالف معتدل عربي وإسلامي، ونبحث كيف بإمكان الغرب أن يساعدنا (...) الكل بحاجة إلى المملكة الهاشمية حتى نقود الوضع بشكل صحيح». من جهتها، ذكرت شخصيات رفيعة حضرت اللقاء ل»الحياة» إن «الملك عبدالله كان يسعى إلى طمأنة الحضور بأن المملكة لن تدخل في أي حرب برية تقليدية ضد «داعش»، وذلك من خلال زج جنود أردنيين في المعركة». ونقلت عن الملك قوله: «هل يتوقع أحد أن تشارك الفرقة الثانية (إحدى الفرق الكبيرة في الجيش الأردني) في سورية أو العراق؟ المؤكد أن هذه مهمة العراقيين والسوريين». وفي السياق ذاته، علمت «الحياة» من مصادر رفيعة أن قيادات الدولة الرئيسية ترفض بشكل قاطع الانخراط في الحرب البرية، وتتمسك بدور تقليدي متمثل في تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي، عوضاً عن مشاركتها في الغارات الجوية. ولفتت المصادر الى خشية مطبخ القرار من تعرض المملكة لضغوط دولية وإقليمية للانخراط في الحرب. كما أكدت خشيتها من أن تكون الورقة الاقتصادية سبباً يدفع المملكة لدخول المعركة. ورأت أن إخضاع الأردن لضغوط اقتصادية قد يدفعه إلى دخول الحرب بشكل محدود، وذلك من خلال المشاركة في عمليات استخباراتية خاطفة داخل الأراضي السورية أو العراقية. ومثل هذه العمليات تنفذها قوات أردنية خاصة كوحدات مكافحة الإرهاب، وعادة ما تكون مهمتها التسلل إلى داخل مناطق العدو، لتنفيذ اغتيالات واستهداف مناطق حساسة. وسبق أن أرسل الأردن مثل هذه القوات إلى دول عدة، منها أفغانستان. ويرى مراقبون أن انخراط المملكة في الحرب البرية في شكل تقليدي «ستكون له تبعات خطيرة على الأمن الأردني». وبحسب هؤلاء، فإن الحرب البرية ستواجه بجماعات تتقن حرب العصابات والشوارع، لذلك ستكون الخسائر البشرية فادحة، وربما يدفع الأردن فاتورة باهظة إذا ما قرر المشاركة فيها على نحو تقليدي. وكان وزير الداخلية الأردني حسين المجالي قال في وقت سابق أمس إن «قرار المملكة المشاركة في التحالف الدولي ضد «داعش» كان قراراً سيادياً سليماً». وأضاف أن «القرار اتخذ بعد أن باتت تلك المجموعات الإرهابية تتمدد وتشكل خطراً على جميع الدول العربية». وتابع: «كان واجباً على تلك الدول دخول التحالف لحماية شعوبها ودينها الإسلامي من التشويه الذي أصابه، بسبب تلك القوى الإرهابية التي تتبرأ من تطرفها الأعمى جميع الديانات».