يتصدر اجتثاث تنظيم "داعش"، الأجندة الأردنية، على المستويين الرسمي والشعبي، رغم الفارق بين الجانبين، اللذين يبدوان على اتفاق بشأن ضرورة القضاء على الإرهاب وبذوره، ويفترقان حيال تطور العمليات العسكرية التي يخوضها الأردن ضمن التحالف الدولي. في مختلف الأروقة، الشعبية والرسمية، يستشعر الأردنيون خطورة تمدد "داعش"، وبلوغه ضفاف المملكة، ويتشاركون المخاوف حيال ما يسمى خلايا التنظيم النائمة، أو مناصريه، الذين يجهرون بتأييد "داعش". ورغم التوافق على الجهود الأمنية المبذولة داخلياً لاجتثاث "داعش"، إلا أن افتراقاً جلياً يظهر بين المكونات الأردنية حيال العمليات العسكرية، التي يشارك فيها الأردن ضمن قوات التحالف الدولي، برز مع تحرك أولى طائرات سلاح الجو الأردني، بينما تزداد حدة الشقاق كلما تنامى الحديث عن استحقاق الحرب البرية. ثمة ما وصف ب "التطمينات"، ساقها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، لنواب كتلة التجمع الديمقراطي، الذين التقى بهم أخيراً، بعدم الزج بالجيش الأردني في معارك برية ضمن تحالف اجتثاث الإرهاب في العراق وسورية. ونقل نواب عن العاهل الأردني "تطمينات" و"نفياً"، غير صريحين، لعزم بلاده الدخول في حرب برية ضد تنظيم "داعش" وضمن التحالف الدولي، الذي أقر أخيراً بضرورة التدخل البري لمواجهة التنظيم. القصر الأردني يتوقع من تحالفات تقليدية، نسجها مع العشائر السنية العراقية، أن تكون بمثابة "العازل" بين الأردن وما يعرف ب "داعش"، ويرى أن "العشائر السنية ستجنب الأردن المشاركة في الحرب البرية"، على حد ما نقله نواب عن العاهل الأردني. ورغم تصريحات النواب الأردنيين، الذين التقوا الملك عبد الله الثاني، حيال التطمينات الملكية، إلا أن أحداً منهم لم ينقل عن العاهل الأردني "نفياً قاطعاً"، بشأن التدخل البري، يبدد تصريحات وزير الشؤون السياسية والبرلمانية خالد الكلالدة بشأن إمكانية المشاركة في العمليات العسكرية البرية، فإن إصرار الحكومة الأردنية على تجنب تقديم إجابة واضحة وقاطعة، تنفي فيها نية الأردن المشاركة بقوات برية في العراق وسوريا، وتصريحات الكلالدة يؤججان الشكوك الشعبية بمصداقية رواية "عدم التدخل البري"، وتعززان المخاوف من "مغامرة" يصار إلى زج الجيش بها خارج الحدود، وفق أردنيين. ويقول الإعلامي وائل المنسي، ل "اليوم"، إن "تصريحات العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني تمهد لحرب برية على داعش، ولكن قد تخضع هذه الحرب المتوقعة لعدة سيناريوهات". ويتوقع المنسي للحرب البرية ثلاثة سيناريوهات، "الأول يتضمن هجوماً برياً متقطعاً ومباغتاً على المناطق المحاذية للحدود الأردنية، السورية والعراقية، من دون المرابطة على الأرض؛ والسيناريو الثاني يتضمن هجوماً برياً واسعاً، مدعوماً بسلاح الجو الأردني وبقوات التحالف الدولي، يهدف إلى إقامة منطقة عازلة واسعة على الجبهة السورية أو العراقية، وتزداد رقعة المنطقة العازلة تدريجياً بحكم الموقف على الأرض، بما يشمل التمدد قتالياً وبرياً وجغرافياً إلى الشمال والشرق؛ أما السيناريو الثالث فيتضمن مشاركة رمزية بقوات برية مع قوات التحالف، وفي مناطق محددة وحساسة، تأخذ طابعاً إنسانياً، وتعمل على تأمين ممرات للمساعدات الغذائية والطبية وغيرها". ويتفق الناشط السياسي د.محمد النظامي، مع ما ذهب إليه المنسي في توافر إرادة المشاركة الأردنية بالحرب البرية. ويقول النظامي، في تغريدة على موقع "الفيس بوك"، إن "الأردن سيشارك، كما فعل إبان الحرب الأمريكية على العراق، ففي الوقت الذي رفض فيه المشاركة علنياً ساهم في العديد من العمليات البرية، تضمنت تدميراً لصواريخ سكود، وعمليات إنزال جوي مشتركة مع قوات المارينز الأمريكية". ويستبعد الكاتب والباحث د.محمد أبو رمان، المختص بالجماعات والتنظيمات الإسلامية، مشاركة الأردن في الحرب، ويخلص في مقال بعنوان "لذلك لن ندخل في حرب برية" إلى القول: "طالما أنّ داعش لا يشكّل خطراً محدقاً، وأنّ امتداده الإقليمي إلى هنا، ليس وارداً؛ لاختلاف المعطيات الاجتماعية والديمغرافية، فإنّ الأردن لن يزجّ بأبنائه في هذه الحرب، إلاّ إذا تغيرت تماماً المعطيات الحالية، وهو أمر مستبعد". ولا تجد المواربة الرسمية، في الحديث عن المشاركة البرية في الحرب على الإرهاب، قبولاً شعبياً، بل تجابه بالتشكيك، فيما يرى المراقبون أن "الرسميين مضطرون إلى تلك المواربة، بحكم عوامل عدة. ويرى مراقبون، استطلعتهم "اليوم"، أن "الأجهزة الأمنية أحسنت، بحملتها الأمنية، التعامل مع مناصري داعش داخل الأردن، والخلايا النائمة التابعة له". وتستخدم السلطات إستراتيجية وقائية في التعامل مع خلايا نائمة أو مناصرين لتنظيم "داعش"، وفق مصدر أمني أردني. يقول المصدر، ل "اليوم"، إن الإستراتيجية الأمنية تقضي بتفكيك أية تشكيلات تابعة لتنظيم داعش داخل الأردن، وإضعاف نفوذ المناصرين للتنظيم، سواء كانوا أئمة مساجد أو ناشطين اجتماعيين، بما يمكّن صانع القرار من اتخاذ القرار المناسب حيال الحرب على التنظيم".