كثّفت مصر من تحركاتها لبحث تداعيات قرار إثيوبيا تحويل مجرى النيل الأزرق ضمن مشروع بناء «سد النهضة»، فاجتمع الرئيس المصري محمد مرسي ووزراء الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي والداخلية اللواء محمد إبراهيم ورئيس الاستخبارات العامة اللواء رأفت شحاتة، قبل أن يلتقي وزيري الخارجية محمد عمرو والري محمد بهاء الدين لمناقشة تداعيات بناء السد. وفيما استبعدت القاهرة «الخيار العسكري» لحل الأزمة، أكدت على لسان الناطق باسم الرئاسة المستشار إيهاب فهمي وفي رسالة أبلغها السفير المصري في أديس أبابا محمد إدريس للسلطات الأثيوبية أنها «لن تسمح بالمساس بمصالحها المائية أو إقامة أي مشروع يهدد تلك المصالح»، مشددة في الوقت ذاته على أنها لا تمنع مشاريع تنمية الدول الأفريقية. وقال الناطق الرئاسي إن الرئيس محمد مرسي ناقش مع السيسي وإبراهيم وشحاتة «تطورات الوضع في سيناء والعمليات الأمنية الجارية لملاحقة وضبط العناصر الإجرامية ارتباطاً بعملية تحرير الجنود المصريين في سيناء الأسبوع الماضي، واستعراض الموقف في ما يخص بناء سد النهضة الإثيوبي». وأكد أن مصر تجري اتصالات مكثفة على أعلى مستوى مع الجانب الإثيوبي من أجل ترجمة الالتزام السياسي إلى خطوات عملية وملموسة والتوصل إلى اتفاق يحقق المنفعة المتبادلة لمصلحة الشعبين، ويضمن عدم المساس بمصالح مصر المائية. وشدد الناطق خلال مؤتمر صحافي شارك فيه وزير الري ونائب وزير الخارجية للشؤون الأفريقية السفير محمد حفني، على أن «مصر لا تسمح بالمساس بمصالحها المائية ولا تقبل بأي مشروع من شأنه تهديد هذه المصالح»، مضيفاً: «مصر لا تعارض التنمية في إثيوبيا أو في أي دولة أفريقية طالما لن تؤثر في الأمن القومي المصري». وأوضح أن مرسي ناقش في اجتماع لاحق مع وزيري الخارجية والري «الجوانب الفنية لمشروع سد النهضة الإثيوبي»، لافتاً إلى أن اللجنة الثلاثية المشكلة من مصر وإثيوبيا والسودان ستعلن تقريرها بخصوص السد غداً. وقال وزير الري إن مشكلة سد النهضة «في أسلوب إدارته وما سيترتب عليه خصوصاً في فترة تجميع المياه أو تفريغها»، مضيفاً: «لا نخفف من الأزمة أو نهوّل منها (لكن) تحويل مجرى النيل ليس قراراً وإنما إجراء عادي ضمن الخطة التنفيذية للمشروع». وقال: «أطمئن المصريين بأن كل الإجراءات التي تمت حتى الآن هي أعمال تمهيدية تخص معسكرات للعاملين وأعمال ترابية ولم يتم حتى الآن البدء في إنشاء السد»، مشدداً على أن «أي خيار عسكري لحل الأزمة مستبعد». وقال نائب وزير الخارجية للشؤون الأفريقية علي حفني إنه سيتم الاتفاق على خريطة طريق بين مصر والسودان وإثيوبيا لتلافي المخاوف، مطالباً بعدم استباق الأحداث. ونفى ما تردد عن قبول مصر ومباركتها إنشاء السد. وقالت القاهرة أمس إنها نقلت إلى أديس أبابا من خلال السفير المصري في إثيوبيا والسفير الإثيوبي في مصر رسالة مفادها بأن «مياه نهر النيل مسألة ذات أهمية قصوى للشعب المصري وحياته ومصالحه ومصر تتمسك بتنفيذ الجانب الإثيوبي تعهداته في هذا الشأن بعدم الإضرار بأي شكل بالمصالح المائية المصرية». ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن السفير المصري في إثيوبيا محمد إدريس قوله إنه «التقى كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الإثيوبية بناء على طلبه لنقل الموقف المصري الواضح والثابت في أن المصالح المائية للشعب المصري هي مسألة حياة ووجود وأن المساس بها هو مساس للمصالح الوطنية العليا لمصر». وأضاف إدريس أنه أوضح للجانب الإثيوبي «الانزعاج والصدمة اللتين أصابتا الرأي العام في مصر نتيجة خطوة تحويل مسار مجرى نهر النيل». و كشف عصام الحداد مساعد الرئيس المصري للشؤون الخارجية وجهة النظر المصرية للتعامل مع سد النهضة في مقال صحافي كتبه على موقع «مدون السياسة الخارجية المصرية»، بدا منه أن القاهرة لا تعارض بناء السد حتى لا ترسخ «صورة نمطية سلبية عن مصر انتشرت بين الشعوب الأفريقية مفادها بأن القاهرة هي أحد أسباب غياب التنمية والتقدم الاقتصادي في البلاد الأفريقية بسبب استحواذها، بغير وجه حق في رأيهم، على الجزء الأكبر من المياه اللازمة لعمليات التنمية». لكن الحداد تحدث عما بدا أنه شروط لقبول مصر بناء السد تتمثل في التفاهم المستمر مع إثيوبيا حول كيفية إدارة مشروع السد من خلال قضايا فنية عديدة تشمل المواصفات الهيدرولوكية للسد بما فيها معاملات الأمان اللازم توافرها فيه، وخطة الملء والتشغيل المناسبة التي لا تؤدي إلى تضرر المياه المتدفقة، واشتراك خبراء مصريين في لجنة إدارة وتشغيل السد. واقترح مؤسس التيار الشعبي المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي منع سفن الدول الممولة لمشروع السد من المرور عبر قناة السويس حتى «يكفوا أيديهم» عن مصر. من جهة أخرى، قررت نيابة شمال سيناء أمس احتجاز شخصين اتهم أحدهما برفع مقطع فيديو بثه خاطفو جنود تم إطلاقهم في سيناء الأسبوع الماضي، للمخطوفين وهم معصوبو الأعين ومقيدون، والثاني يمتلك مقهى للإنترنت تم عبره رفع المقطع على موقع «يوتيوب». وقال مصدر أمني إن الشرطة توصلت إلى مالك المقهى الذي أنكر صلته بالواقعة ودل على شخص رجّح أن يكون هو من قام ببث الفيديو، فأوقفته الشرطة.