يدخل الإضراب عن الطعام الذي يخوضه الأسرى الأردنيون داخل السجون الإسرائيلية احتجاجاً على استمرار اعتقالهم وسوء المعاملة، يومه ال 30 وسط صمت رسمي أردني تخرقه تصريحات مقتضبة لمساعدين حكوميين تؤكد سعي سفارتهم لدى تل أبيب إلى إنهاء معاناة مواطنيها المحتجزين. ويطالب الأسرى بالسماح لذويهم بزياراتهم، ونقلهم إلى الأردن بموجب اتفاقات السلام الموقعة بين البلدين. ويقود الإضراب نيابة عن 32 أسيراً أردنياً حتى الآن بعض قادتهم، وهم عبد الله البرغوثي، ومحمد الريماوي، ومنير مرعي، وعلاء حماد، ومرعي أبو سعدية. ويعرف إضراب الأردنيين المتواصل منذ بداية أيار (مايو) الجاري بأنه «احتجاج متدحرج»، إذ ينضم إليه أسير إضافي كل أسبوع. كما يأتي احتجاجاً على موقف السلطات الأردنية المتهمة وفق عائلات الأسرى ونشطاء المعارضة، بعدم الاكتراث بملفهم. ويؤكد ذوو الأسرى أن أحداً من طرف الحكومة الأردنية أو سفارتها لدى تل أبيب لم يتدخل لمساعدة أبنائهم، وسط امتناع السفارة الأردنية عن الإدلاء بأي تصريح في هذا الخصوص. وتتراوح مدة أحكام الأسرى الأردنيين الموزعين على سجون إسرائيلية عدة بين 10 سنوات وبين السجن المؤبد، وهم في غالبيتهم فلسطينيون يحملون الأرقام الوطنية الأردنية، وكانوا يقطنون المملكة قبل محاولتهم التسلل إلى إسرائيل لتنفيذ عمليات ضد قوات الاحتلال. ويرفض البرغوثي، وهو القائد العسكري السابق لحركة «حماس» داخل الضفة الغربية، وصاحب أعلى محكومية في تاريخ إسرائيل، (يقضي منذ عام 2003 حكماً بالسجن 67 مؤبداً) تناول الطعام أو الشراب. وقال محامي نادي «الأسير الفلسطيني» إن صحته تدهورت، وبدا ناحلاً وشاحب الوجه. وأكد أنه مستمر بإضرابه حتى تحقيق مطالب جميع الأسرى الأردنيين. ويطالب البرغوثي الذي يحمل الجنسية الأردنية فيما عائلته تقيم في إحدى ضواحي عمان، بتأمين زيارة ثابتة ودورية لذوي الأسرى المقيمين في الأردن، واتخاذ الإجراءات كافة للإفراج عنهم، أو نقلهم إلى سجون المملكة لإنهاء محكوميات يتم الاتفاق على مدتها. وتكشف مذكرة سربت من داخل السجون الإسرائيلية واطلعت «الحياة» على نسخة منها، أن البرغوثي «يُحرم من لقاء أطفاله، وزيارة والدته المريضة التي لم يرها أو يقبل يديها منذ 14 عاماً». وتكشف المذكرة تفاصيل لم يتسن ل «الحياة» التأكد منها تقول إن الذي يمنع لقاء البرغوثي بعائلته «ليس العدو الصهيوني كما هو الحال دائماً، وإنما السلطات الأردنية». ووفق محامي البرغوثي، فإن إدارة السجن اقتادته عقب الإضراب إلى زنزانة العزل الانفرادي التي لا يوجد فيها سوى قطعة إسفنج «يستخدمها فراشاً، فيما يستخدم حذاءه مخدة». وقال محامي الأسرى الأردنيين فواز الشلودي ل «الحياة»، إن صحة الأسير مرعي المحكوم ب 5 مؤبدات «تشهد تدهوراً خطيراً، اذ نقل إلى مستشفى سوروكا العسكري الواقع في بئر السبع المحتلة لتلقي العلاج». وقال الأسير الأردني المحرر مازن ملصة إن نقل مرعي إلى المستشفى «يؤكد تدهور أوضاع الأسرى الصحية، فيما الحكومة الأردنية تنتظر عودة مواطنيها محمولين بأكياس سوداء». وقالت مؤسسة «يوسف الصديق» لرعاية الأسير المحرر، ان الأسرى الأردنيين «لا يجدون من يناصرهم رسمياً سوى لجنة الأسرى الأردنية، التي تنظم فعاليات تضامنية معهم». وأثار إضراب الأسرى الأردنيين، احتجاجات متواصلة خلال الأيام الماضية داخل مدن أردنية عدة. وسادت أجواء الاحتقان أمس في عمان خلال اعتصام نظمته فعاليات شبابية وعشائرية تضامناً مع ملف الأسرى، فيما حاول بعض المحتجين الوصول إلى مقر الديوان الملكي وسط العاصمة، قبل أن تمنعه قوات الشرطة المزودة أدوات فض الشغب. وانهالت دموع أمهات الأسرى وآبائهم أثناء الاعتصام وسط صرخات تشجب ما سموه «الصمت الرسمي» واستمرار «معاناة أطفال وزوجات الأسرى خلف القضبان». وقال والد الأسير البرغوثي باكياً أثناء الاعتصام: «ما بدنا شي غير يطلعوا أولادنا بالسلامة ... بدي 5 دقائق أشوف إبني قبل ما الله سبحانه وتعالى يأخذ وديعته». وأعلنت تنسيقيات الحراكات الشعبية التي تضم إسلاميين وعلمانيين وممثلي عشائر، تنظيم فعاليات تضامنية مع الأسرى اليوم في العاصمة ومدن الأطراف تحت شعار «جمعة الأكفان». وهدأت إسرائيل إضرابات طويلة سابقة عن الطعام بين نحو 4700 فلسطيني، بموافقتها على الإفراج عن أفراد أو ترحيلهم خارج الضفة الغربية. وتحتجز سلطات الاحتلال بعض الفلسطينيين والعرب تحت مسمى «الاعتقال الإداري» استناداً لأدلة تقدم لدى محكمة عسكرية مغلقة. وتقول إن هذا الإجراء يجهض الهجمات ضدها مع الاحتفاظ بسرية مصادرها وتكتيكاتها.