وزير الدفاع يبحث تطور العلاقات الأخوية مع نظيره العراقي    ملتقى ومعرض المنصات المالية الذكية iPExpo2025    السعودية وإعادة رسم خريطة التجارة العالمية    المملكة الأولى عالمياً في تمكين المرأة بمجال الذكاء الاصطناعي    NASA تعجز عن إرسال رحلة للمريخ    ثغرة خطيرة في WhatsApp    مسبار يستقر في الفضاء بنجاح    6 أندية ترافق الخليج والهدى إلى ربع نهائي كأس اتحاد اليد    بجوائز تتجاوز 24 مليون يورو.. انطلاق "جولة الرياض" ضمن جولات الجياد العربية    «السكري» يتغلب على الشارقة ويضع قدماً في النهائي الآسيوي    رودريغيز يستهدف جيسوس للتغطية على كوارثه!    تمير من سدير يا جمهور الهلال!    رحلة آمنة    ثقافات الفن وتأويلاته المبتكرة «على مشارف الأفق»    سلوكيات بريئة تشكك بالخيانة    باقي من الماضي والآثار تذكار    الدرع قصدك فيه فرحة والاوناس لاشك عند اللي يجي له ثميني    التصوير بالرنين المغناطيسي يضر الجسم    عودة الذئب الرهيب بعد 10000 عام    الشعور بالجوع يعيد تشكيل الخلايا المناعية    تصاعد الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر ومالي    قلق أممي إزاء وضع المدنيين في السودان    دول آسيا تبحث عن حلول للتعامل مع حرب التجارة الصينية الأمريكية    سعود بن بندر: الاستثمار في البنية التحتية الذكية والابتكار يؤتي ثماره في تحسين جودة الحياة    فهد بن سلطان يستقبل وكلاء ومنتسبي إمارة تبوك بمناسبة العيد    زهرة اللبن (الأقحوانة البيضاء) حورية الرومان وملهمة الشعراء    الأهلي المصري يكرر فوزه على الهلال السوداني ويتأهل إلى نصف نهائي «أبطال أفريقيا»    روسيا: مستقبل الحد من الأسلحة النووية.. يعتمد على الثقة    إطلاق حملة للتوعية بالتسمم الغذائي    وزير الخارجية يصل إلى الولايات المتحدة في زيارة رسمية    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    هدف نيوم السابق.. تقارير مصرية تؤكد تعاقد الأهلي المصري مع زيزو    كأس آسيا لكرة السلة 2025 .. الأخضر السعودي في المجموعة الثالثة    الاستثمار الرياضي يناقش تطوير البنى التحتية    أمير منطقة تبوك يستقبل وكلاء ومنسوبي الامارة بمناسبة عيد الفطر    إطلاق اختبارات "نافس" في جميع المدارس الابتدائية والمتوسطة    مباحثات لتعزيز التعاون الدفاعي بين السعودية والعراق    الخبر تتقدم 38 مركزاً في مؤشر المدن الذكية لعام 2025 وتحقق المركز 61 عالمياً    رئاسة الافتاء تصدر كتابا علمياً عن خطر جريمة الرشوة على الفرد ومقدرات الوطن    "الصحة القابضة" والتجمعات الصحية تختتم حملة "صم بصحة" ب 40 مليار خطوة و3.7 مليون فحص    عسير في خريطة العمارة السعودية.. تعزيز لأصالة البناء وجماليات التصميم    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر مارس 2025    الساعة    ماجد المصري: لم أتوقع نجاح "رجب الجرتلي" الشرير والحنون    أمير جازان يشهد توقيع عدد من الاتفاقيات والشراكات المجتمعية.. تدشين حملة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للتوحد    تتجاوز نصف إجمالي الشرق الأوسط.. السعودية الأسرع نموا في الطاقة المتجددة بين «العشرين»    القمة الثلاثية تطالب بوقف إطلاق النار ودعم دولي للسلطة الفلسطينية    لك حق تزعل    هل هناك رقم مقبول لعدد ضحايا حوادث المرور؟    "الحج" تحدد غرة ذي القعدة "آخر موعد".. و"الداخلية": 100 ألف ريال غرامة تأخر مغادرة الحجاج والمعتمرين    نقاط التحول    رجال الأمن صناع الأمان    الموظف واختبار القدرات    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظِّم لقاء معايدة    العلاقة بين وسائل التواصل والتربية السليمة    استقبل ونائبه المهنئين بعيد الفطر.. المفتي: حريصون على نشر العلم الشرعي بالأحكام العامة والخاصة    صدح بالآذان 40 عاماً .. الموت يغيب المؤذن محمد سراج ليلة العيد    "البصيلي": يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصير بوصفها نهاية الأسطورة
نشر في الحياة يوم 30 - 05 - 2013

على رغم المشاركة المبكرة، المندفعة والمكشوفة، الإعلامية والسياسية والأمنية والتقنية، ل «حزب الله» في قمع الثورة السورية، إلا أن المشاركة العسكرية تدرجت من الخجولة والمتنكَر لها، إلى الصريحة والواسعة في دمشق والقصير تحديداً. وإذ كان الاعتداء الإسرائيلي على مواقع عسكرية للنظام السوري في دمشق قد أعطى بعض التبرير لحزب رُسم، على غير وجه حق، أنه «مقاومة إسرائيل»، إلا أنه كان تبريراً باهتاً رُصف بتسرع مع خلطة من الحجج الطائفية في محاكاة لوعي جمهوره الوحيد المتبقي بعد انتصاره للنظام السوري. وهو ما يشبه، بشكل يبعث –لبرهة- على الحيرة، فعلة النظام السوري حينما أهمل مخاطبة الشعب السوري وكرر دون ملل كلاماً يحاكي –وينمي- الهواجس الطائفية للطائفة الوظيفية عنده (وحينما حاول كل منهما العودة إلى ما اعتاده من خطاب عام، اكتشفنا أنه فقد الكثير من صدقيته، وقدرته على الإقناع). وفي الحالتين، نحن أمام مؤسستين سلطويتين تعكسان في سلوكهما شعوراً عميقاً بالعزلة والأقلوية، حتى أمام الجماعتين اللتين تورِطانهما في صراع عنيف مع شعب يطالب بالحرية، في الوقت الذي تعلمان أنه كان من الممكن اختيار أسلوب آخر أقل كلفة للجميع إلا لهما. وجذر كل ذلك هو علمهما أنهما يدافعان عن طغمة حاكمة ما كان لتغييرها أن يعني بنفسه ضرراً وجودياً لمحور أو دول أو مقاومات كما أوهما ناسهما، إنما تغير في المعادلة السياسية ستلحقه إمكانيات مفتوحة لإعادة رسم خريطة التحالفات، تحديداً أن القضية التي يدعيها «حزب الله» تمتلك إجماعاً شعبياً سورياً.
إلا أن قضية أخرى ل «حزب الله» أبعد غوراً، وهو أكثر تماثلاً معها بما لا يقارن، مهددة فعلاً. فولاية الفقيه تجد نفسها في مأزق في بلادها حيث يتحداها، قليلاً، رئيس من صنائعها، وجمهور متنوع المشارب أصبح يجدها معيقاً لتقدم بلاده؛ بعضهم لاعتبار فسادها وآخرون لرجعيتها، وأغلبية لمواجهتها المكلفة مع الغرب دونما داعٍ من وجهة نظرهم. وهؤلاء يتابعون الموجة الديموقراطية في المنطقة باهتمام، ويعلمون أنهم شاركوا في تأسيس وعيها في حراكهم السياسي خلال السنوات الماضية، وذروته ثورتهم الخضراء؛ وبالنسبة اليهم سيكون انتصار الثورة السورية محطة حاسمة في انتقال الربيع لبلادهم. ويمكن تبرير هذا التصور بما هو معلوم عن نفوذ الملالي في سورية وعبرها في مناطق أخرى، إن لتسهيل السلطة السورية وصول السلاح ل «حزب الله»، أو لتحويلها أتباعها في الساحة الفلسطينية لأعوان لإيران؛ وكذلك بوجود التشابه بين النظامين في سورية وإيران، إن من حيث هيمنة أجهزة الأمن وفسادها أو مبررات حكمها السياسية. ولكل ذلك، وفوقه خوف الملالي من الضرر المعنوي لهزيمتهم في حماية ما أعلنوه محافظة إيرانية، لا يجد «حزب الله» أمامه من سبيل إلا التورط في معركة الدفاع عن طاغية دمشق، حتى لو أدى ذلك إلى خسارته كل الرصيد الشعبي في عموم المنطقة، وزج لبنان في أتون بركان لا أحد يعرف متى يمكن أن يهدأ.
إلا أن اقتحام المخاطر ليس هواية للحزب، فمن المؤكَد أنه كان سيختار البقاء خارج المشاركة العسكرية الواسعة، لولا الضعف الظاهر لقوة الاستبداد الأسدي وهو الخط الأحمر بالنسبة إليه، بالإضافة للتدخل العسكري الخارجي، الذي يستدعي دفع الاحتياط الاستراتيجي الإيراني الذي يشكل الحزب قوة ضاربة فيه. ففقط حينما بدا أن استمرار الحرب بالوكالة غير ممكن، وأن قوة الطاغية في تراجع، وأن عملية استنزافه وصلت إلى حدود الخطر، أصبح لزاماً على قيادته حسم أمرها وإدخال قواتها في الصراع على الأرض. بخاصة وأنها، ومن يسيرها، تأمل أبن حدوث تغيير طارئ على الأرض قد يساعد الروس بمطالبهم بإدخال الملالي طرفاً في المؤتمر الدولي المزمع عقده قريباً، لتحمي مصالحها في تسوية سياسية وتقدمه نصراً أمام شعبها. كما أن فشل جيش الطاغية، وشبيحته، في الحجز بين القوى السنية في الشمال اللبناني والجيش الحر، وتأمين طريق دمشق الساحل، يعد عجزاً يستدعي محاولة ترميمه بقوة الحزب.
وإذ تشكل مشاركة «حزب الله» في قهر الشعب السوري نهاية أسطورة المقاومة والممانعة، ونصرة المظلوم، في عين غالبية شعوب المنطقة، يختار الحزب للتعامل معها سلوكه المعتمد داخلياً منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فيدعم صورته الفاقدة الشرعية بالإجبار والإكراه. على أساس أنه يمكن للمنتصر، الذي يتكئ على دولة ذات نزعة إمبراطورية شديدة البذخ مع أحزاب ومريدين، ومنهم مثقفون وناشطون، أن يفرض الرواية التي يريدها. هكذا يظهر أنه لا يمكن لمؤسسة من مؤسسات نظم القهر أن تنأى بنفسها عن ثقافتهم وسلوكهم ومعاركهم، ويصبح لزاماً على قوى التحرر الكف عن ما اعتادته من مراعاة للحزب بادعاء أنه رغم كل مساوئه يبقى حزب مقاومة وتحرير، فقد أصبح حزب قهر واحتلال؛ وليس من التنبؤ القول بأنه على طريقة معالجتها لعلاقتها معه، ومع سلطة الاستبداد السوري، سيتحدد مصير أفكارها في المدى المتوسط، وليس فقط موقف مجتمعاتها منها.
* كاتب فلسطيني/ سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.