المشهد السوري الحالي أقل ما يقال عنه انه دموي ووحشي. وسامح الله الذين يضعون الصور القاسية من دون وضع أي تنبيه، كانت القنوات في بداية الأزمة حائرة هل نخرج الصور الدموية؟ لكن هذه الصور ستصدم الناس وستجعلهم أسارى للقهر والشعور بالهوان، ميزت القنوات أخيراً بين ما يمكن أن يبثّ وما لا يمكن بثّه، وأشير إلى مقولة الأستاذ عبدالرحمن الراشد الذي قال إن ما تنشره القنوات من صور عن الثورة السورية لا يساوي شيئاً أمام ما لا يمكن نشره لبشاعته وقساوته، نعم نعم أمام حالة سورية خطيرة. وقد اطلعتُ مؤخراً على كتاب رائع بعنوان:"حكايات من الثورة السورية من 15-3-2011 إلى 15-3-2012" لسعاد سوغندو الحلاق، وفيه فظائع تلك السنة الخطيرة. ضم الكتاب يوميات وتفاصيل صغيرة وكبيرة يعيشها الناس بسوريا، بدءاً من الشرارة في درعا وإلى الأطفال واستراتيجية النظام باستهدافهم، إلى دوما، وصولاً إلى تلبيسة وأحداثها وحماة ودمشق. في الكتاب إيضاح للعبث الذي مارسه النظام السوري بالعقول قبل الأجساد، حيث اختطف عقل الشعب من خلال دعاوى معاداة الإمبريالية والوقوف بوجه الصهيونية العالمية والعمل على إسقاط إسرائيل أو مقاومتها. كل هذا تبيّن للشباب والشابات انه عبث واضح وأن ما يمارسه النظام السوري إنما هو الفسق السياسي بحيث يدّعي أنه مقاوم ضد إسرائيل بينما يقتل الشعب، لقد أزالت الثورة السورية الكثير من الستر الذي وضعه النظام هالةً له يبيّن أنه نظام ديكتاتوري مختطف للشعب السوري ومغتصب للسلطة. هذا الكتاب على كل ما فيه من آلام غير أن آلام 2013 والتي لم يتطرق لها الكتاب لأنه مطبوع سنة 2012 أقسى من كل الحروب التي عرفها العرب. نظام قاسٍ سلطوي طغياني يقتل الناس لأنهم لا يريدونه، ومنطق القذافي والأسد وغيرهم هو منطق الطغاة:"أحكمكم أو أقتلكم" لا خيارات أمام الناس إلا إلى الموت. يصرّ النظام السوري على موضوع "القاعدة" السؤال: من الذي درّب القاعدة وأدخلهم إلى العراق؟ ألم يجعل النظام السوري في مناطق من سوريا القريبة من العراق مراكز تدريب للقاعدة؟ ألم يعش قادة في تنظيم القاعدة بسوريا؟ القاعدة بسوريا صنيعة النظام السوري. بآخر السطر، النظام الطاغوتي يحتاج إلى الأكاذيب حتى يبقى. والنظام الذي يتغذى على دماء شعبه سيموت ويتسمم، والذين يساندون النظام السوري من أحزاب أصولية إنما يخوضون حربهم الطائفية، والأيام حبلى بالأحداث المصيرية.