«ستراً لبنات المسلمين ومنعاً من تفشي الانحلال الأخلاقي في المجتمع»، أسّس نصري أبو غلوس ومحمد الحجايا جمعيتين مثيرتين للاستغراب في مجتمع بدأ منذ عشرات السنين يطوي هذه الفكرة مع زيادة وعي النساء بحقوقهن وارتفاع نسب التعليم في صفوفهن، فضلاً عن غلاء المعيشة واتساع الفقر. لكن أبو غلوس، الذي أسس جمعية «تعدد الزوجات» في عمان عام 2011، يرفض فكرة الربط بين الزواج والإنجاب وتردي الوضع المادي. وعلى عكس ذلك تماماً، يرى أبو غلوس أن «تطبيق السنّة بالزواج بأكثر من سيدة يزيد من الرزق لأن كل مولود مقسومة له سبل العيش». ويقدر عدد النساء اللواتي لم يسبق لهن الزواج في الأردن، ممن تبلغ أعمارهن 30 سنة فأكثر، بحوالى 98633 امرأة عام 2009، بزيادة مقدارها 91943 امرأة عن عام 1979، أي أن هذا الرقم تضاعف 15 مرة خلال ثلاثين سنة. أما المهندس محمد الحجايا، مؤسس جمعية «مناصرة تعددد الزوجات» في مدينة الكرك (150 كيلومتراً جنوب عمان) عام 2009، فيرى أن تعدد الزوجات هو «أمر للنبي محمد في أكثر من حديث، ويجب أن يمتثل له الجميع»، منتقداً بعض الفضائيات التي تروج لمحاربة تعدد الزوجات، قائلاً إن هذا أمر لا يمكن السكوت عليه، خصوصاً في ظل ارتفاع ظاهرة العنوسة في المملكة، والتي تعد ظاهرة اجتماعية خطيرة قد تقود إلى الانحلال الأخلاقي في المجتمع. وأثارت الجمعية، التي دشنت عملها رسمياً بزفاف مؤسسها (الحجايا) للمرة الثالثة، جدلاً كبيراً بين معارض ومرحب، بخاصة في أوساط النساء في المنطقة التي بدأت تخف فيها ظاهرة تعدد الزوجات. وترى إحدى النساء من سكان المنطقة، فضلت عدم نشر اسمها، أن «عودة فكرة تعدد الزوجات والتشجيع عليها بعدما انقرضت تقريباً (في المجتمع الأردني)، تعد عملاً منافياً لحقوق المرأة التي بدأت تتلمس طريقها في المجتمعات العربية بعد عصور من التهميش وهضم الحقوق»، مشيرة إلى أن «الدين الإسلامي تحدث عن ظروف معينة يمكن الرجل فيها أن يجمع أكثر من امرأة في عصمته، لا بل إنه شجع الرجل على البقاء على امرأة واحدة، خوفاً من عدم العدالة بينهن». وتقول فتاة أخرى إنها لا تقبل فكرة أن يتزوج عليها زوجها، مؤكدة أنها ستطلب الطلاق من زوجها في حال تزوج عليها مهما كلفها ذلك، حتى وإن كانت أنجبت منه أطفالاً. وتضيف: «كرامتي لا تسمح لي بأن أكون شريكةً مع امرأة أخرى في رجل». وترى أن «من الأجدى لمؤسسي الجمعيتين أن يشجعوا الشباب على الزواج، بدلاً من أن يشجعوا الرجال المتزوجين على تعدد الزوجات. فذلك أجدى بدرء المفاسد، كما يقولون، بعيداً من تشتيت عائلات بأكملها، مع ما يترتب على ذلك من ضياع للأطفال إذا حدث الطلاق». وكانت دراسة لوزارة التنمية الاجتماعية أوضحت أن أسباباً كثيرة تقف وراء تفشي العنوسة بين أوساط الشباب والشابات الأردنيين، أبرزها الوضع الاقتصادي الذي يجعل حوالى 100 ألف شاب أردني غير متحمسين للزواج، ما أثر في عدد مماثل من الفتيات الأردنيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 22 و28، ليستحلن إلى «عانسات» في المجتمع. ويرى مختصون أكاديميون يدرسون في جامعات أردنية أن تعدد الزوجات حل مهم لمشكلة العنوسة في المجتمع، «غير أنه يتناقض مع الاتفاقات الدولية التي وقعها الأردن، وكذلك مع قوانين الأحوال الشخصية... وغيرها، ما يصعب من تسهيل تعدد الزوجات في مجتمع محافظ جداً ويسجل نسباً في ما يعرف ب «جرائم الشرف» تعتبر من أعلى النسب عالمياً. وفي منطقه، قد يبدو الخمسيني أبو غلوس «غريباً» و «مستفزاً» لدعاة حقوق المرأة والأسرة، لكنه بدعوته إلى تعدد الزوجات «تحت كل الظروف، حتى مع فقر الرجل»، والتي طبقها «بامتياز» على نفسه، يشكل حالاً موجودة في المجتمعات العربية والإسلامية، تجد من يناصرها ويتفهمها، كما تجد من «لا يشجعها أو يؤيدها». أبو غلوس تزوج 15 مرة، ويحتفظ الآن بأربع زوجات في عصمته. وهو لا يتردد في اعتبار أن «كثرة الزواج ليست وجع رأس»، بل يدعو إلى «تعدد الزوجات وتعميمه ستراً لبنات المسلمين». ويشير أبو غلوس، الذي أنجب من نسائه الخمس عشرة 31 ولداً وبنتاً (الغالبية إناث) وله أكثر من عشرين حفيد، إلى أن له عديلاً سعودياً فاقه زواجاً، إذ تجاوزت عدد زيجاته ال20. ويضيف مازحاً: «لقبت نفسي نائب رئيس جمعية تعدد الزوجات، وعديلي رئيسها». ويسكن أبو غلوس، الذي لم يكمل من تعليمه سوى للصف السادس الابتدائي، في منطقة شرق عمان، ويمتلك بضع شركات ومحال للأدوات الصحية في رأس العين.