هز انفجار صاروخين من نوع «غراد» من عيار 107 ملم سقطا على احد أطراف ضاحية بيروت الجنوبية صباح امس، وتحديداً في محلة الشياح وتقاطع مار مخايل، الاستقرار الأمني الذي يجهد المسؤولون اللبنانيون في الحفاظ عليه وسط الأحداث الأمنية والسياسية المتسارعة. ولقي التطور الأمني الخطير إجماعاً على استنكاره وخصوصاً انه حصل بعد اقل من 24 ساعة على الخطاب الناري للأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله والذي اكد فيه القتال إلى جانب النظام في سورية ووعده ب «النصر». وأدى انفجار الصاروخين «المجهولي الهوية» طالما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن إطلاقهما، إلى إصابة أربعة عمال سوريين بجروح متفرقة وإلى أضرار مادية وإلى حال من الذهول والحذر لف بيروت والضاحية، خصوصاً أن الحدث أتبع بسقوط صاروخين آخرين من النوع نفسه لكن في الهرمل على الحدود الشمالية للبنان مع سورية واقتصرت الأضرار على الماديات. وسقط الصاروخان الأولان بالتتابع الأول في السابعة إلا ربعاً على معرض للسيارات عند تقاطع مار مخايل وكان يتواجد فيه 4 عمال سوريين وهم أخوة وأبناء عم من آل الحسن (من الحسكة) يتولون حراسة المعرض وتلميع السيارات، ما أدى إلى إصابتهم بجروح وهم: عبد الله (31 سنة) ومحمود (17 سنة) وخليل(31 سنة) وإبراهيم (17 سنة) والأخير بقي في المستشفى لإصابته البليغة في حين خرج الباقون إلى الكوخ الذي يعيشون فيه على ارض المعرض المذكور لصاحبه هيثم يوسف. وتراوحت إصاباتهم بين الأرجل والسيقان. وقدرت كلفة الأضرار الناجمة عن انفجار الصاروخ قرب السيارات وتمزيق بعضها وتحطيم زجاج بعض آخر بنحو 250 ألف دولار. أما الصاروخ الثاني الذي انفجر بعد دقائق قليلة فسقط على شرفة منزل سهيل حجازي في شارع مارون مسك واقتصرت الأضرار على الماديات علماً أن المنزل المذكور يقطنه خمسة أشخاص بينهم امرأة حامل. وضرب الجيش البناني طوقاً أمنياً حول موقع الانفجارين، فيما كلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الشرطة العسكرية بإجراء التحقيقات الأولية لكشف ملابسات سقوط الصاروخين ومصدرهما، وفي حين هرع إلى المكانين سياسيون وحزبيون للتنديد بما حصل. وتبين من التحقيق الأولي أن ثمة صاروخاً ثالثاً أطلق لكنه انفجر بالقرب من مكان إطلاقه. وعثر على ثلاث منصات خشب في منطقة حرجية في خراج بلدة عيتات المشرفة على ضاحية بيروت الجنوبية، وإلى جانبها ساعة توقيت تشير إلى أن الصواريخ أطلقت في توقيت شبه واحد. قيادة الجيش وأعلنت قيادة الجيش - مديرية التوجيه في بيان أول سقوط الصاروخين، «أحدهما في معرض سيارات بالقرب من كنيسة مار مخايل، والآخر في حي مارون مسك، أديا إلى إصابة أربعة أشخاص بجروح مختلفة وحصول أضرار مادية في الممتلكات، وفرضت قوى الجيش طوقاً أمنياً حول المنطقة وعملت بالاشتراك مع الأجهزة المختصة على نقل المصابين إلى المستشفيات، فيما وبوشر التحقيق لتحديد نوع الصاروخين ومصدر إطلاقهما وكشف هوية الفاعلين». وفي بيان ثان انه «نتيجة التحقيقات الميدانية التي قامت بها مديرية المخابرات والأجهزة المختصة في الجيش، عثر في الأحراج الواقعة في خراج بلدة عيتات على منصتي إطلاق الصاروخين، وتستمر التحقيقات بإشراف القضاء لتحديد هوية الفاعلين وتوقيفهم». وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية لاحقاً أن «القوى الأمنية تبحث عن صاروخ ثالث أطلق من قواعد الصواريخ التي نصبت بين بسابا وعيتات، من دون أن ينفجر». وذكرت معلومات غير مؤكدة أن تقارير وصلت إلى بعض المراجع الرسمية العليا تفيد بأن زعيم «جبهة النصرة أبو محمد الجولاني جاء إلى مخيم عين الحلوة قبل أيام وعقد اجتماعات مع مجموعات متشددة لوضع خطة لاستهداف مناطق تسكنها غالبية شيعية في لبنان وقوات «يونيفيل» أيضاً، علماً أن هذه الأخيرة تتخذ احتياطات أمنية منذ فترة، والهدف من هذا الاستهداف التخفيف عما تتعرض له بلدة القصير في سورية والضغط على حزب الله وإرباك البلد». وأشارت مصادر أمنية إلى احتمال ثان بتورط جهات فلسطينية في الأمر كرسالة من دون أن تكون حاصلة على تغطية من أي مرجعية فلسطينية، والاحتمال الثالث أن تكون جهة مجهولة دخلت على الخط لتأجيج الصراع في لبنان. تفقد وإدانة وسارع إلى موقع سقوط الصاروخين وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل ووصف الهدف من إطلاقهما بأنه «تخريبي». كما تفقد المكان قائد الدرك العميد جوزيف الدويهي. ودان رئيس الجمهورية ميشال سليمان العملية، ووصف من قاموا بذلك ب «الإرهابيين المخربين الذين لا يريدون السلم والاستقرار للبنان واللبنانيين». وطلب من الأجهزة المعنية «تكثيف تحرياتها وتحقيقاتها لملاحقة المرتكبين بأقصى سرعة وإحالتهم على القضاء المختص»، ودعا «المواطنين إلى أن يكونوا في أقصى درجة من اليقظة والوعي والمساعدة المدنية حيال أي مشتبه أو تحرك مشبوه والإبلاغ عنه لقطع دابر أي محاولة لأثارة الفتنة والتوتير الأمني، حفاظاً على الأمن الوطني والسلم الأهلي». وأكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن الحادث هدفه «إحداث بلبلة أمنية ومحاولة استدراج ردود فعل معينة من ناحية التوقيت والهدف». ودعا الجميع «إلى التيقظ والتعاطي مع دقة الوضع بحكمة لمنع الساعين إلى الفتنة من تحقيق مآربهم ونؤكد أن الأجهزة الأمنية باشرت تحقيقاتها لكشف ملابسات هذا العمل التخريبي وتوقيف الفاعلين». ووصف الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام الحادث بأنه «عمل مشبوه يرمي إلى افتعال فتنة طائفية في البلاد». واعتبر أن «المسؤولية الكبرى في نقل البلاد من وضعها المأزوم إلى حال الاستقرار والأمان، تقع على عاتق القيادات السياسية اللبنانية، بخفض منسوب التشنج في خطابها السياسي وايجاد مساحة للحوار الهادئ». واتصل الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري برئيس المجلس النيابي نبيه بري وتشاورا في الحادث. وشدد الحريري على إدانته و«وجوب تضافر الجهود في سبيل تجنيب البلاد أي مخاطر». وقال في تصريح: «انه عمل إرهابي وإجرامي مدان كائناً من قام به وخطط له، خصوصاً انه استهدف منطقة آهلة بالسكان الآمنين. ونحمد الله على أن أضرار هذا العمل كانت محدودة وأن الجرحى من الإخوة العمال السوريين تجرى معالجتهم»، ودعا إلى «التبصر في مخاطر الدعوات التي تجاهر بالمشاركة في الحرائق الخارجية وتريد من اللبنانيين أن يكونوا وقوداً لها». وأكد انه «لا يكفي أن نلعن الفتنة فقط، بل إن المسؤولية الوطنية تتطلب من كل القيادات والجهات المعنية بسلامة لبنان أن تتنادى لتحذير القائمين على إشعالها ووقف مسلسل إضعاف الدولة». ورأى رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» أمين الجميل في الحادث «مؤشراً خطيراً يستوجب من الجميع الوعي لتجنب جر لبنان إلى الفتنة»، مجدداً التحذير من «مخاطر التورط في وحول الأزمة السورية وضرورة الابتعاد عن الانغماس في حريقها». واستنكر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إطلاق الصواريخ، معتبراً أن ما حصل «تطورٌ خطير جداً في حال لم يتم تدارُك الأمر برمته». وشدد على أن «تدخل حزب الله السافر في القتال داخل سورية هو الذي تسبب بهذا الحادث الأول من نوعه والذي يُهدد بتطور الأمور إلى ما لا تُحمد عُقباه». وطالب جعجع مجدداً «حزب الله بوقف تدخله العسكري والأمني في الشؤون السورية فوراً». وأكد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل بعد تفقده مكان سقوط الصاروخين، «أن العمل مدان ولا يستهدف إلا الفتنة، وضرب استقرار لبنان». وقال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية علي عمار بعد تفقده مكان سقوط الصاروخين: «لن نسمح على الإطلاق بتمرير مشروع الفتنة الأميركي الإسرائيلي، وعلى اللبنانيين أن يلتحموا». ورأى رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية «أن إطلاق الصاروخين عمل إرهابي لن يصل إلى أهدافه، وغايته ضرب الاستقرار». ورأى النائب ناجي غاريوس أن الرسالة «ليست بريدية بل رسالة أن الأمن والاستقرار بيد أشخاص ليسوا بمسؤولين»، وأمل ب «أن يتم الكشف عمن يقف وراءهم». ورأى عضو «جبهة النضال الوطني» النيابية هنري حلو في بيان، أن «إطلاق الصاروخين «يظهر مدى الانكشاف الأمني للبنان على كل المخاطر، بفعل التورط الميداني لأطراف لبنانية في النزاع المسلح في سورية». وقال إن «أهالي قضاء عاليه فوجئوا باستخدام منطقتهم لإطلاق الصاروخين، ويرفضون بشدة الزج بها أو بأي منطقة لبنانية أخرى في أعمال تخريبية». ودعا الأمين العام ل «التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد «حكومة تصريف الأعمال، والقضاء، والأجهزة الأمنية، إلى التحرك بحزم لتجنيب لبنان فخ الفتنة». ودانت حركة «أمل» «الجريمة الإرهابية التخريبية التي تستهدف الاستقرار والسلم الأهلي ونقل التوترات عبر المناطق اللبنانية».