حذر رئيس حزب «التجمع الوطني للأحرار» وزير المال والاقتصاد المغربي السابق صلاح الدين مزوار، من احتمال تدهور حسابات الاقتصاد الكلي في المغرب وتراجع الاستثمارات المحلية والأجنبية وتأزم الوضع المالي والاقتصادي، إذا لم تُحل الصراعات داخل الحكومة التي يقودها «حزب العدالة والتنمية» ذي المرجعية الإسلامية. واعتبر في تصريح إلى «الحياة» على هامش ندوة نظمتها «وكالة المغرب العربي للأنباء» أول من أمس، أن الوضع المالي أصبح مقلقاً، بسبب تفاقم عجز الموازنة، الذي تجاوز سبعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض الإيرادات الضريبية نتيجة تراجع الأداء الاقتصادي، وتراكم الأزمات الحكومية، وغياب قرارات شجاعة لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية الأوروبية. ولفت إلى أن الحكومة لم تعمل على إعادة الثقة لدى الفاعلين الاقتصاديين، ولم تُفعّل مقتضيات الدستور الجديد، ما أوجد حالاً من الترقب والانتظار أثرت سلباً على الوضع الاقتصادي. وأضاف «تتمثل المشكلة في أن الحكومة لا تملك تصوراً لمعالجة الأزمة الاقتصادية والمالية، وتختبئ وراء عدم قدرتها على التدخل لمنح الثقة إلى رجال الأعمال والمستثمرين»، مؤكداً أن «الأزمة الاقتصادية العالمية موجودة منذ العام 2008 وواجهناها بتدابير استباقية ووقائية وبحثنا عن الرساميل والتمويلات الضرورية وحققنا معدل نمو راوح بين أربعة وخمسة في المئة حينها، ورفعنا الأجور وتركنا للحكومة الحالية وضعاً لا بأس به ومديونية تبلغ نحو 53 في المئة من الناتج المحلي وتضخماً نسبته اثنين في المئة، كما أطلقنا مفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول عدد من الإصلاحات المالية ومنها صندوق المقاصة لدعم الأسعار». ودافع مزوار عن قرار «حزب الاستقلال» الخروج من الحكومة، التي اتهمها ب «الضعف وقلة الخبرة والتجربة»، مشدداً على أن حزبه مستعد لقيادة حكومة جديدة، إذ يملك الكفاءات والتصور المطلوب لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. ولم يستبعد اللجوء إلى انتخابات مبكرة في حال لم تتمكن الحكومة من تشكيل فريق جديد منسجم. وقال: «الأفضل للاقتصاد إجراء انتخابات مبكرة بدلاً من بقاء البلد في حال انتظار وترقب، ما يؤدي إلى تراكم أزمات»، ولكن «حزب الأحرار» لم يحسم موقفه من المشاركة في حكومة جديدة بقيادة غريمه السياسي حزب «العدالة والتنمية»، في حال طُلب منه ذلك لتعويض انسحاب حزب الاستقلال. وكان تقرير أصدرته الأسبوع الماضي وزارة المال والاقتصاد، أظهر تراجع العائدات الضريبية وارتفاع عجز الخزينة، إذ بلغ العجز المالي 17 بليون درهم (1.9 بليون دولار) في الربع الأول من السنة، واقترضت الحكومة 30 بليون درهم من سوق المال المحلية لمواجهة شح السيولة والتغلب على ضعف الموارد الضريبية التي انخفضت ستة في المئة إلى 46 بليون درهم، بينما كان يُتوقع أن تتجاوز 50 بليوناً مطلع السنة. وتقلصت عائدات الضريبة على الشركات 21.5 في المئة، ما عزاه محللون إلى تراجع أداء القطاع الخاص وانخفاض الاستثمارات. وتميل التوقعات إلى إمكان عودة الدينامكية إلى الاقتصاد المغربي في حال تغلب السياسيون على خلافاتهم وشكلت حكومة جديدة قوية ومنسجمة فكرياً وعملياً.