مع الاستعدادات لعقد مؤتمر جنيف - 2» الخاص بتسوية الأزمة في سورية، شنت قوات النظام وحلفاؤها هجوماً ضخماً على مدينة القصير، في ريف حمص، لاعادة ربط دمشق بالساحل السوري وبمواقع حليفه «حزب الله» وطرق امداداته في البقاع اللبناني من «دون عوائق»، ولتحسين اوراقه في اي مفاوضات. وفي ضوء ضخامة الهجوم استنجد «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أمس بالجامعة العربية للتدخل لانقاذ المدينة وسكانها من دمار ومجازر قد ترتكبها قوات النظام وحلفائه التي بدأت حملة عسكرية منذ صباح أمس شاركت فيها الطائرات والمدفعية الثقيلة وقاذفات الصواريخ، اضافة الى الاف المسلحين من «الحرس الثوري» الايراني وعناصر «حزب الله» و»الحزب السوري القومي»، كما قالت المعارضة التي اشارت الى أن القصف كان كبيراً حيث كانت تسقط 50 قذيفة وصاروخاً في الدقيقة على المدينة المحاصرة. ودعا «الائتلاف» الى عقد اجتماع طارىء لوزراء الخارجية العرب «لاتخاذ ما يلزم لحماية» المدينة التي اعلن مصدر عسكري سوري دخول جيش النظام اليها. وحض «الائتلاف» مجلس الامن على «التنديد بعدوان حزب الله». وقال، في بيان، انه «يطالب جامعة الدول العربية وامينها العام بالدعوة الى اجتماع طارىء لوزراء الخارجية العرب لاتخاذ ما يلزم لحماية القصير من العدوان السافر». كما دعا «المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته في حفظ حياة المدنيين وعددهم 40 ألف نسمة في مدينة القصير، وطالب مجلس الأمن القيام بواجبه في حفظ أرواح المدنيين». واضاف البيان ان «قوات الأسد مدعومة بميليشيات تابعة لحزب الله اللبناني وعناصر إيرانية، تقصف القصير بأنواع الأسلحة الثقيلة كافة، ودك منازل المدنيين فيها بالمدافع والصواريخ، فيما يقوم الطيران الحربي بتأمين غطاء جوي لميليشيات حزب الله، في ما يبدو أنه تمهيد لاقتحام القصير، وعلامات على قرب مجزرة قد ترتكب بحق المدنيين فيها». وكانت دمشق اعلنت أن القوات النظامية دخلت القصير، غداة تأكيد الرئيس بشار الاسد مجددا تمسكه بالبقاء في السلطة. لكن المعارضة قللت من اهمية مكتسبات الجيش، وقالت ان المدافعين عن المدينة «يبدون مقاومة شديدة». وافاد مصدر عسكري سوري ان القوات النظامية «تمكنت من الدخول الى القصير وبسطت سيطرتها على الساحة الرئيسية وسط المدينة ورفعت العلم السوري على مبنى البلدية». وذكر التلفزيون الرسمي ان القوات السورية «بسطت الامن والاستقرار في مبنى بلدية القصير والمباني المحيطة به وتواصل ملاحقة الارهابيين في المدينة». واشار الى وجود «بعض جيوب الارهابيين المتحصنين داخل اوكارهم»، مشيرا الى ان الجيش يتقدم «اكثر واكثر». ولاحظ مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن انه «اذا تمكن الجيش من السيطرة على القصير، فان كل محافظة حمص ستسقط» بين يدي النظام. وابدى خشيته من حصول «مجزرة» اذا سيطرت القوات النظامية على المدينة، لافتا الى ان «سكانها يخشون الخروج لان عدداً كبيراً منهم هم عائلات لمقاتلين معارضين». وقال جندي نظامي، عبر التلفزيون السوري الرسمي، ان الجيش تخلى عن الجبهة الشمالية الغربية للسماح للسكان بالخروج، الامر الذي نفاه معارضون منددين ب»حصار خانق يفرضه النظام وحزب الله». وكان نائب الامين العام للجامعة العربية احمد بن حلي اعلن ان لجنة الجامعة ستعقد الخميس اجتماعاً طارئاً حول سورية تمهيدا لعقد مؤتمر سلام دولي لايجاد حل للنزاع السوري. وسيكون مصير مدير القصير مدار بحث في اجتماع يعقد في عمان خلال الاسبوع الجاري ويحضروه وزراء خارجية 11 دولة من «اصدقاء سورية» للبحث في انعقاد «جنيف - 2» والتداول في من سيشارك فيه من اطراف بينها ايران. وحض وزير خارجية الامارات الشيخ عبدالله بن زايد ال نهيان على عمل «جاد لوقف الآلة القمعية» للنظام السوري، وذلك في ظل مساع دولية لعقد مؤتمر دولي حول الازمة السورية. وقال في مؤتمر صحافي في ابو ظبي مع نظيره الاسترالي بوب كار «على جميع الاطراف القيام بعمل سياسي جاد لوقف الالة القمعية في دمشق». واضاف: «لا يجب على المجتمع الدولي ان يبقى صامتا وان لا يتحرك او يتفاعل مع الجانب الانساني» للازمة السورية. وكانت دول عدة بدأت سلسلة من الاتصالات للتحضير وإزالة عدد من «العقد» أمام «جنيف - 2» قبل القمة المقررة بين الرئيسين باراك اوباما وفلاديمير بوتين في إرلندا في 20 حزيران (يونيو) المقبل. وبدا ان المؤتمر سينعقد تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وبمشاركة وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، والمواعيد المقترحة هي بين 10 و12 أو بين 13 و14 الشهر المقبل، مع حرص الأممالمتحدة لعقده «في أقرب وقت ممكن، شرط التحضير الجيد له». وقالت مصادر ل»الحياة» ان المبعوث الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي ومساعدوه سيساهمون في تسهيل التفاوض بين وفدي الحكومة والمعارضة بعد إطلاقه في المؤتمر. وأوضحت ان الجانب الروسي طلب من دمشق إعادة إرسال قائمة جديدة بأسماء إعضاء الوفد التفاوضي غير تلك التي كان وزير الخارجية وليد المعلم سلمها إلى موسكو في شباط (فبراير) الماضي، وضمت رئيس الوزراء وائل الحلقي ونائباً له وثلاثة وزراء، بينهم وزير المصالحة علي حيدر، وأن الجانب الروسي طلب أن يتمتع الوفد الجديد ب «صلاحيات تفاوضية واسعة»، وفيه شخصيات عسكرية نافذة، مع ترجيح أن يضم الوفد الوزير المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة بثينة شعبان، وأن يراوح عدد أعضائه بين 12 و15 شخصاً. ومن المقرر أن يتوجه سفراء أميركا وفرنسا وبريطانيا الذين سيشاركون في اجتماع عمان إلى إسطنبول لحضور اجتماعات «الائتلاف الوطني» بين 23 و25 الجاري لاتخاذ قرارات في شأن المشاركة في المؤتمر الدولي، والاستعداد للمشاركة في أي حوار ولاجراء انتخابات قيادات «الائتلاف» بحيث يتم اختيار رئيس له خلفاً لمعاذ الخطيب الذي سيشارك مع مجموعة من المعارضين وأعضاء «الائتلاف» في لقاء تشاوري في مدريد اليوم. وتدور التوقعات بين انتخاب الرئيس الموقت جورج صبرا رئيساً دائماً للتكتل، خصوصاً في ضوء دعم «الإخوان المسلمين» له أو انتخاب برهان غليون في هذا المنصب. وسيتطرق الاجتماع الى توسيع «الائتلاف» وضرورة إدخال شخصيات علمانية ومدنية إليه لموازنة سيطرة «الإخوان» في داخله، ويطرح في هذا المجال خيار إضافة 25 شخصية بينهم عشر سيدات أو 15 شخصية بينهم 5 سيدات.