قال مصدر مصري مسؤول ل «الحياة» إن المفاوضات بين مصر وأثيوبيا والسودان حول «سد النهضة» الأثيوبي وصلت الى «مرحلة حاسمة». ورغم ان المحادثات «تحقق تقدماً طفيفاً» إلا ان مصر لم تحصل على ضمانات لعدم الإضرار بحصتها من مياه النيل. واتفق وزراء المياه في مصر والسودان وأثيوبيا، في اختتام الجولة الثانية للجنة الوطنية الثلاثية للسد في القاهرة مساء الجمعة، على تقديم تقرير مُفصل عن الآثار البيئية والاجتماعية لسد النهضة الذي تعتزم أثيوبيا إقامته بتكلفة أربعة مليارات دولار، وهل سيعطل تدفق المياه لدول المصب أم لا. وقال الوزراء في بيان إن اللجنة الوطنية لسد النهضة اتفقت على «اختيار قائمة مختصرة من سبعة مكاتب استشارية ذات سمعة عالمية مشهود لها بالكفاءة في تصميم السدود وآثارها الاجتماعية والاقتصادية، ووضع معايير تقويم المكاتب الاستشارية». واختتمت في القاهرة مساء أول من أمس الجولة الثانية من اجتماعات اللجنة الثلاثية، على أن تُعقد الجولة الثالثة الشهر المقبل في الخرطوم، لتحديد المكتب الذي سيُعد تقريراً من المفترض أن يكون حاسماً في تحديد وجهة المفاوضات، إذ سيعرض على لجنة خبراء دوليين اختيروا بالتوافق بين الدول الثلاث، وسيكون مؤثراً في تقرير تلك اللجنة. وقال وزير الري المصري حسام المغازي إن اللجنة الثلاثية اختارت 7 مكاتب استشارية دولية ذات سمعة عالمية ومشهود لها بالكفاءة لاختيار أحدها لإجراء الدراسات الفنية المائية والبيئية الاقتصادية والاجتماعية للسد، لافتاً إلى أنه تم اختيار المكتب القانوني الدولي البريطاني «كوربت» ليكون حلقة الوصل بين الدول الثلاث والمكتب الاستشاري الذي سيتم اختياره. لكن الوزير المصري لم يُعلن أسماء المكاتب السبعة بانتظار تلقي عروضها لإجراء الدراسة، وإعلان اسم المكتب الذي سيتولى المهمة الشهر المقبل. وأوضح المسؤول المصري أن اثيوبيا تعهدت بتقديم كل التصميمات الإنشائية المتعلقة بالسد إلى هذا المكتب وإلى لجنة الخبراء الدوليين، والتعاطي بإيجابية بخصوص أي معلومات تُطلب منها لتحديد الآثار التي ستترتب على بناء السد في ما يخص دولتَي المصب، معتبراً أن ذلك الأمر يعد إيجابياً، وإن كانت اثيوبيا ماضية قدماً في البناء، لكنه أوضح أن تلك الدراسات ستُنجز سريعاً. وأوضح أن المسؤولين الفنيين في اللجنة الثلاثية للسد بدأوا بالفعل في إعداد الخطابات التى سيتم توجيهها إلى المكاتب الاستشارية الدولية السبعة، فور تحديدها من قبل الوزراء، لافتاً إلى أن تلك المكاتب سيكون أمامها أسبوعان أو 3 أسابيع على الأكثر لتقديم عروضها التي ستُدرس في اجتماع سيعقد في النصف الثاني من الشهر المقبل في الخرطوم. وأشار إلى أن التنسيق المصري - السوداني في ما يخص موضوع السد سيتلقى دفعة مهمة، بعد القمة المصرية - السودانية بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي وعمر البشير، لافتاً إلى أن الأمر سيبحث بعمق بين البلدين خلال اجتماعات الهيئة الفنية المشتركة لمياه النيل التي ستُعقد اليوم بين مسؤولي البلدين، بعدما تم توسيع مهماتها وتعزيز اختصاصاتها. وكان وزير المياه الأثيوبي أليماهو تيجنو أكد في مؤتمر صحافي في اختتام اجتماعات اللجنة الثلاثية مساء أول من أمس أن بلاده لن تُضر بأمن مصر المائي. وقال إن أثيوبيا تصمم كل السدود بأسلوب لا يضر في شكل ملحوظ بدول المصب، موضحاً أنه في ظل وجود هذا المبدأ الذي تنطلق منه أثيوبيا، فإنه لا حاجة إلى منح ضمانات لعدم إضرار السد بمصر. ويهدف مشروع السد، الذي تقوم ببنائه شركة «ساليني إمبريجيلو» الإيطالية، إلى إنتاج ستة آلاف ميغاوات من الكهرباء لمنطقة متعطشة للكهرباء. ولكن هذا المشروع يثير قلق مصر التي تعتمد في شكل شبه كلي على نهر النيل في الزراعة والصناعة ومياه الشرب لسكانها الذين يتزايد عددهم بسرعة. ويساور القاهرة قلق من أن السنوات اللازمة لملء خزان السد الجديد الذي تبلغ سعته 74 بليون متر مكعب سيقلّص تدفق مياه النيل في شكل موقت، كما أن تبخر مياه السطح من تلك البحيرة الجديدة الضخمة سيخفض تدفق مياه النيل في شكل دائم في ما بعد.