انقسمت المعارضة السورية، بشقيها السياسي والعسكري، إزاء دعوة وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف للتفاوض على أساس بيان جنيف الصادر في العام الماضي. وأكد «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، أن أي حل سياسي «يجب أن يبدأ برحيل (الرئيس) بشار الأسد»، فيما اعتبر رئيس «الهيئة الوطنية مع «الحياة» امس، ان الاتفاق الروسي - الاميركي «تحولاً أساسياً» نحو ما كانت «الهيئة» تطالب به لعقد «جنيف-2». وأكد عضو المجلس العسكري الأعلى في «الجيش الحر» العقيد قاسم سعد الدين، أنه لا يرى «مجالاً للحل السياسي». وكان كيري أعلن بعد محادثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ولافروف في موسكو مساء أول من امس، أن البلدين سيضغطان على النظام والمعارضة للمشاركة في مؤتمر دولي حول سورية. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن المؤتمر سيعقد في جنيف في بداية الشهر المقبل. واعلن «الائتلاف» في بيان على صفحته على «فايسبوك» امس، إنه «يرحب» بكل الجهود الدولية التي تدعو إلى «حل سياسي يحقق تطلعات الشعب السوري وآماله في دولة ديموقراطية على أن يبدأ برحيل بشار الأسد وأركان نظامه». وأضاف «أن النظام الأسدي أسقط جميع المبادرات التي تم تقديمها لحل الأزمة، واستمر في وضع العصي في عجلات أي اتفاق أو لجنة أو فريق عربي أو أممي خلال ما يزيد على سنتين، سفك خلالهما دماء عشرات الآلاف من الأبرياء وسجن ما زاد على مئتي ألف من السوريين في معتقلاته الرهيبة وهجرة أكثر من خسمة ملايين سوري». وأوضح مناع ضرورة أن يكون «جنيف - 2» على ثلاثة مستويات: المحلي، بحضور أطراف المعارضة، بحيث يكون هناك ممثلون من «الائتلاف» و «هيئة التنسيق» وأطراف اخرى، إضافة إلى ممثلين من السلطة. وكان وزير الخارجية وليد المعلم أبلغ الحكومة الروسية لدى زيارته موسكو في شباط (فبراير) الماضي تشكيل وفد تفاوضي رسمي، يضم رئيس الوزراء وائل الحلقي ونائباً له وثلاثة وزراء. وأشار إلى الاستعداد ل «الحوار مع المسلحين»، لكن سرعان ما وضعت الحكومة شرط «إلقائهم السلاح قبل الحوار». وأضاف مناع أن المستوى الثاني للمؤتمر، يتعلق بالبعد الإقليمي، بحيث تشارك مصر والسعودية وإيران في المؤتمر الدولي، علماً أن هذه الدول لم تشارك في اجتماعات جنيف في حزيران (يونيو) الماضي لدى صوغ الدول دائمة العضوية البيان. ثم اقترحت مصر تشكيل لجنة رباعية تضم ايران ومصر والسعودية وتركيا، وتم عقد بعض الاجتماعات من دون مشاركة السعودية. وتابع مسؤول «هيئة التنسيق» في المهجر، أن النقطة الثالثة المطلوبة في المؤتمر الدولي، تتعلق ب «إزالة نقاط غموض بيان جنيف»، وتتعلق بمسألتين: الأولى، تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة من المعارضة والسلطة. الثانية، نقل الصلاحيات من رئيس الجمهورية إلى حكومة الوحدة الوطنية للإعداد للمرحلة الانتقالية. وشدد على وجوب عدم إقصاء أي طرف من هذه الحكومة. وأشار إلى أنه بعد «إزالة نقاط الغموض» يلتزم جميع الأطراف الحاضرة بالتطبيق، على أن يصدر ذلك بقرار من مجلس الأمن بموجب الفصل السادس و «ليس الثامن، كي لا تبقى سورية مرهونة بإرادة مجلس الأمن». وأوضح «إذا التزمت الأطراف بالقرار الدولي، فإن المشاغبات، لن تؤدي إلى انهيار الحل السياسي، وإن أتعبته». وعلمت «الحياة» أن الأيام المقبلة ستشهد ثلاثة اجتماعات للمعارضة: الأول، مؤتمر في مدريد دعا اليه «حزب التنمية الديموقراطي» بدعم من الخارجية الإسبانية يومي 20 و21 الشهر الجاري. الثاني، مؤتمر «القطب الديموقراطي» الذي دعا اليه ميشال كيلو في القاهرة يومي 10 و11 الجاري. الثاني، اجتماع الهيئة العامة ل «الائتلاف» في إسطنبول السبت والأحد المقبلين. ويتوقع أن يكون الموقف من الدعوة الروسية-الأميركية حاضراً في هذه الاجتماعات. من جهة أخرى، قال الرئيس المستقيل ل»الائتلاف» معاذ الخطيب في صفحته على «فايسبوك»: «عندما اشترطت إطلاق سراح 160 ألف معتقل، خصوصاً النساء والأطفال كعربون مسبق لأي مفاوضات (مع النظام)، انطلقت جهات عدة لتخويني وتدمير الفكرة التي طرحتها»، مشيراً إلى أن إطلاق المعتقلين جزء من بيان جنيف. وأضاف: «يا شعب سورية، احذر أن تضيع ثورتك في أروقة المؤتمرات الدولية». لكنه جدد استقالته من «الائتلاف» ورئاسته. وكان عضو «الائتلاف» سمير نشار قال صباح أمس: «قبل اتخاذ أي قرار تحتاج المعارضة لمعرفة ماذا سيكون دور الأسد، لأن هذه النقطة تركت غامضة في شكل متعمد، في ما يبدو محاولة لجر المعارضة للدخول في محادثات قبل اتخاذ قرار بشأن هذه النقطة». وأبلغ وكالة «رويترز» أنه يرى من المستحيل إجراء محادثات مع حكومة يبقى الأسد على رأسها. وكان «الائتلاف» وضع في اجتماع له في القاهرة في شباط الماضي محددات أي حل سياسي في سورية، منها «تنحية بشار الأسد والقيادة الأمنية–العسكرية المسؤولة عن القرارات التي أوصلت حال البلاد إلى ما هي عليه الآن، واعتبارهم خارج إطار هذه العملية السياسية وليسوا جزءاً من أي حل سياسي في سورية، ولا بد من محاسبتهم على ما اقترفوه من جرائم». وشدد «الائتلاف» على أن «الحل السياسي ومستقبل بلادنا المنشود يعني جميع السوريين، بمن فيهم الشرفاء في أجهزة الدولة والبعثيون وسائر القوى السياسية والمدنية والاجتماعية ممن لم يتورطوا في جرائم ضد أبناء الشعب السوري». وشدد على أن «أي مبادرة تستند إلى هذه المحددات يجب أن يكون لها إطار زمني محدد وهدف واضح معلن»، مع توافر «ضمانات دولية من مجلس الأمن». وأبدى أعضاء من المعارضة قلقهم من تصريحات كيري من أن تحديد من سيشارك في الحكومة الانتقالية يجب أن يترك للسوريين. وقال عضو «الائتلاف» أحمد رمضان القريب من «الإخوان المسلمين»، إن السوريين قلقون من أن الولاياتالمتحدة تقدم مصالحها الخاصة مع روسيا على حساب دم الشعب السوري ومعاناته. وأضاف أن المعارضة على اتصال مع الجانب الأميركي وتحتاج إلى ضمانات تفيد بأنه لم يحدث تغيير في موقف واشنطن من الأسد. وفي المجال ذاته، أعلن «التحالف السوري الديموقراطي» المعارض في بيان على «فايسبوك» رفضه «أي حوار مع نظام الأسد لا يكون عنوانه الرئيسي وهدفه النهائي رحيل الأسد ونظامه وأركانه وتسليم السلطة إلى حكومة وحدة وطنية انتقالية تسيّر شؤون البلاد حتى إجراء انتخابات برلمانية نزيهة تدير المرحلة الانتقالية حتى إقرار دستور جديد للبلاد، تجرى بعده انتخابات رئاسية تنقل سوريا إلى مرحلة جديدة في تاريخها، مرحلة بناء الدولة السورية الحديثة»، قائلاً إنه «لن يكون طرفاً في أي مفاوضات لا تلبي شروط الثورة السورية المجيدة». وأعرب العقيد قاسم سعد الدين عن «الأسف» لأنه لا يرى مجالاً للحل السياسي، قائلاً «إن المجلس العسكري المعارض لن يجلس مع النظام للحوار، وإنه بصراحة لا يعتقد أن قرارات الأسد هي بين يدي روسيا حقا، وقال إن الرئيس السوري ينظر الآن إلى إيران فقط».