يبدو أن الحرب في الأسواق النفطية الدولية، ومن ضمنها السويسرية، بدأت من دون سابق إنذار. ويرى خبراء سويسريون أن حرب الأسعار هذه سترتب تداعيات سلبية ومقلقة على أسواق الدول النامية، وعلى رأسها روسيا. لذا، قد تجد روسيا نفسها في حال من الإفلاس. أما أوروبا، التي تواجه اليوم تراجعاً في أسعار الاستهلاك فستواجه أكثر من مأزق، في حين يُنتظر أن تتعرض الولاياتالمتحدة لأضرار في حال واجهت صناعة النفط الصخري شللاً. ويفيد خبراء سويسريون بأن السعودية تحاول الدفاع عن نفسها بذكاء، وبدلاً من خفض إنتاج النفط اختارت خفض أسعار الإمدادات النفطية إلى زبائنها، والتي تخضع باستمرار لمراقبة التجار والمحللين. ولا شك في أن الدول المنافسة نفطياً للمملكة صُدموا بهذه الخطوة الجريئة، لا بل أن مخاوفهم تتعاظم في شأن العودة إلى أحداث عام 1986 الذي شهد ظاهرة «أويل كراش» عندما شنت صناعة النفط السعودية حملة تنافسية للمحافظة على مركزها، عن طريق بيع برميل النفط بأقل من عشرة دولارات. ويؤمن الخبراء النفطيون الحكوميون في برن بأن أولوية الرياض منذ أكثر من أربعة أشهر تتمحور حول الدفاع عن حصصها في أسواق النفط العالمية حتى لو اضطرت إلى التضحية بهوامش أرباحها الناتجة من تسويق نفطها، علماً أن قطع الأسعار يتركز خصوصاً على أنواع النفط الخفيف وهو قطاع يشهد وجود عدد ضخم من المنافسين. إلى ذلك، يشهد العالم دخول الولاياتالمتحدة حلبة المنافسة عن طريق نفطها الصخري. وعلى رغم الحظر الأميركي على تصدير النفط إلى الخارج، يسجل مراقبون دوليون زيادة في عدد الشحنات النفطية الأميركية إلى الخارج. ففي تموز (يوليو) تجاوزت الصادرات النفطية سقف 400 ألف برميل يومياً أي أربعة أضعاف ما كانت عليه في الشهر ذاته قبل سنة. وفي منتصف العام المقبل، يتوقع محللون سويسريون أن تصل الصادرات النفطية الأميركية اليومية إلى أكثر من مليون برميل. ولا تقتصر حركة هذه الصادرات على كندا فحسب بل تتخطاها وصولاً إلى بعض الدول الآسيوية. إضافة إلى ذلك، يتوقف كبار تجار النفط للإشارة إلى أن موقع السعودية قوي كفاية لتحمل أي تراجع إضافي في أسعار النفط، لكن دولاً أخرى، في مقدمها روسيا، بدأت تشعر بالضعف نتيجة تدهور أسعار النفط. ويكفي رصد تحركات المصرف المركزي الروسي الذي وضع خطة استعداداً لانهيار سعر برميل النفط إلى نحو 60 دولاراً، وهو حدث قد يدمر البنية الاقتصادية الروسية. وفي حال وصل سعر البرميل إلى ما بين 60 و70 دولاراً لفترة طويلة، فان كثيراً من الشركات الأميركية قد يتعرض لخسائر ضخمة، لا سيما تلك المنخرطة في استخراج النفط الصخري أو نشاطات أخرى ذات تكاليف عالية. كما ستدخل فنزويلا مرحلة اقتصادية هشة.