أعلنت طهران وواشنطن أمس، تحقيق تقدّم في مفاوضات «معقدة في شكل لا يوصف» في فيينا، نوقشت خلالها «حلول» محتملة تتيح إبرام اتفاق يطوي الملف النووي الإيراني. وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» بأن إيران تدرس اقتراحاً أميركياً يتيح لها الاحتفاظ بمزيد من بنيتها التحتية النووية، مقلصاً في الوقت ذاته قدرتها على صنع قنبلة ذرية. وكانت الوكالة نقلت عن ديبلوماسيين قولهم الشهر الماضي، إن الولاياتالمتحدة طرحت بدائل لتقليص عدد أجهزة الطرد المركزي المُستخدمة في تخصيب اليورانيوم، ما يبدّد الخلاف ويحقّق هدف زيادة الوقت الذي ستحتاجه طهران لصنع «قنبلة». وبين تلك البدائل، عرضٌ لإتاحة امتلاك إيران مزيداً من أجهزة الطرد المركزي، إذا وافقت على تقليص مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب الذي يمكن استخدامه وقوداً لتشغيل مفاعلات، كما في صنع أسلحة نووية. ونقلت «أسوشييتد برس» عن ديبلوماسيَّين، إن طهران التي لم تلتزم بشيء آنذاك، بدأت أخيراً محادثات مع موسكو في شأن احتمال شحن كمية من مخزونها من اليورانيوم المنخفض إلى روسيا، لاستخدامها مستقبلاً مصدراً للطاقة، علماً أن روسيا تزوّد مفاعل «بوشهر» الإيراني وقوداً. وأجرت إيران والدول الست المعنية بملفها النووي في فيينا أمس، محادثات على مستوى مساعدي وزراء الخارجية، شارك فيها وزيرا الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والأوروبية كاثرين آشتون. وكان ظريف وآشتون ونظيرهما الأميركي جون كيري أجروا الأربعاء مفاوضات دامت 6 ساعات. وأبلغ ظريف وسائل إعلام إيرانية أن المحادثات «كانت صعبة جداً وجدّية ومكثفة». وأشار إلى «تحقيق تقدّم في كل المجالات»، مضيفاً: «بدل التركيز على المشكلات، ناقشنا حلولاً أيضاً. ما زلنا نحتاج لمناقشات جدّية في شأن مسائل». واستبعد ظريف تمديد المفاوضات إلى ما بعد 24 تشرين الثاني (نوفمبر)، قائلاً: «ما زال هناك 40 يوماً قبل انتهاء المهلة، وأيّ من المفاوضين لا يعتقد بأن التمديد سيكون مناسباً». وتحدث مسؤول أميركي بارز بعد لقاء ظريف– كيري– آشتون، عن «تقدّم بطيء في بعض القضايا»، مضيفاً: «طرح الجميع أفكاراً على الطاولة لنرى هل نستطيع دفع الكرة إلى أمام. حقّقنا ونتابع تحقيق بعض التقدّم، لكن ثمة عملاً مهماً يجب إنجازه». وأعرب عن أمله بأن «تستفيد إيران من هذه الفرصة التاريخية»، مشيراً إلى وجوب سدّ فجوات في المواقف التفاوضية بطريقة «تضمن إغلاق كل مسارات المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي». وذكر أن ثمة «حلولاً ممكنة» لتسوية الخلاف على مفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل، مستدركاً: «لن يتم الاتفاق على شيء إذا لم يتم الاتفاق على كل النقاط، ويمكن أن ينهار كل شيء بسبب خلاف على 2 في المئة من الملف، مع أننا متفقون على 98 في المئة منه». وأضاف: «إنها مفاوضات معقدة في شكل لا يوصف وتدخل في التفاصيل إلى حد كبير، إذ تُضاف صفحات ملحقة كاملة لأي سطر في كل اتفاق سياسي، لأن التفاصيل حاسمة في شكل كبير». وقارن المفاوضات بأحجية يتغيّر شكلها حتى «تتراصف القطع في مكانها الصحيح». إلى ذلك، أبلغت مصادر إيرانية «الحياة»، أن الرئيس الإيراني حسن روحاني التقى شخصيات غربية في نيويورك الشهر الماضي، على هامش مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، واتفق معهم على «خريطة طريق» تنهي المفاوضات النووية بما يحقق مصالح الجانبين. على صعيد آخر، اعتبر على سعيدي، ممثّل مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي لدى «الحرس الثوري»، أن «دولاً مثل اليمن والعراق والبحرين وبلدان أميركا اللاتينية، تشكّل العمق الاستراتيجي لإيران الآن».