دار كلام الرئيس (الأميركي) باراك أوباما الأسبوع الماضي على مساوئ معتقل غوانتانامو، وزعم أن لا فائدة ترتجى منه، وأنه يشد عود الإرهابيين ويمكِّنهم من رصّ صفوفهم وتجديد شبابها، ويساهم في نفور الحلفاء من أميركا. ويبدو أن رأي أوباما ورأي الطاعنين في غوانتانامو واحد، وأن الحاجة إلى إغلاقه ملحّةٌ، كما يبدو أيضاً أن «نزلاء» المعتقل سيفلحون في ما عجز عنه أقرانهم في السجون الأخرى: حمْل السلطات الأميركية على النظر في قضاياهم وبتِّها. ويُقال إن غوانتانامو مشرَّعُ الأبواب على النزلاء الجدد، لكن الحقيقة أنه لم يستقبل أيَّ سجين منذ آذار (مارس) 2008، بعد شهور على إعلان الرئيس السابق جورج بوش رغبتَه في إغلاق المعتقل. وفي ولايتَي أوباما، لم يرتفع عدد السجناء في غوانتانامو، بل انخفض في الأشهر الاخيرة، حيث أحيل متهمون (غير أميركيين) بالضلوع بعمليات إرهاب دولي على السجن الفيديرالي، ف12 منهم مسجونون في مانهاتن وبروكلين في انتظار مقاضاتهم، وبعضهم صدر الحكم في حقه ويُمضي مدة عقوبته. عدد المعتقلين اليوم في غوانتانامو هو 166 منهم 86 صدر حكم بترحيلهم إلى بلدانهم، لكنْ حالَ عدد من العوامل، منها مشكلات ديبلوماسية وتحفُّظ ادارة أوباما على تسليم أشخاص الى اليمن ومعارضة الكونغرس، دون نقلهم إلى مسقط رأسهم أو إلى دول أخرى. وهذه الخطوة (ترحيل السجناء) هي رهن إرادة سياسية يمسك بمقاليدها كل من الرئيس والكونغرس. ويُشاع أن ظروف اعتقال «نزلاء» غوانتانامو أسوأ من أحوال السجون الفيديرالية، لكن هذا الحسبان يجافي الواقع، فإلى وقت قريب كان هؤلاء «النزلاء» يعيشون في مجموعات، وكان «سكايب» في متناولهم، وفي وسعهم مشاهدة التلفزيون ولعب كرة القدم، على خلاف نزلاء السجون الفيديرالية المتهمين بالإرهاب والمنتظرين محاكمتهم أو إدانتهم، فهؤلاء يقبع كلٌّ منهم في زنزانة انفرادية، ولا يرى الشمس سوى ساعة في النهار. لكن ظروف الاعتقال في غوانتانامو تدهورت منذ بدء الإضراب عن الطعام في شباط (فبراير) الماضي، وصارت أقسى، وكثرت -على وقع توسل أنابيب الطعام واللجوء إلى السجن الانفرادي واندلاع عنف بين المعتقلين والحرس- أوجهُ الشبه بين غوانتانامو وسجون القرون الوسطى، التي غلبت عليها ظروف الاعتقال السيئة والتعذيب. * مديرة مركز جامعة فوردهام لشؤون الأمن القومي، عن «واشنطن بوست» الأميركية، 3/5/2013، إعداد منال نحاس