وصل وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي على رأس وفد رفيع المستوى إلى عمان أمس محملاً برسائل إيرانية لكبار المسؤولين الأردنيين تطالبهم بضرورة البقاء على الحياد تجاه أي توجهات عسكرية محتملة ضد سورية، ومنع تسلل المقاتلين الإسلاميين لأراضيها، والبحث عن حلول سياسية مشتركة لحل أزمتها. وجاءت زيارة المسؤول الإيراني الرفيع بعد أيام على قيام محتجين في مدينة المزار الجنوبي الأردنية بإضرام النار بمقر يعود لأحد أتباع طائفة البهرة الشيعية الهندية احتجاجاً على تشييد مبنى مجاور أشيع أنه سيخصص للطائفة كحسينية. وتعتبر مدينة المزار الجنوبي من المناطق المقدسة بالنسبة الى الشيعة الذين يأتون من خارج المملكة، إذ تضم 3 أضرحة لصحابة يتحدرون من آل بيت النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). كما تأتي الزيارة بعد نحو أسبوع على هجوم شنه مسؤول إيراني رفيع على الأردن، هو مساعد الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء حسن فيروز آبادي الذي قال في تصريحات لوسائل إعلام إيرانية رسمية إن موقف المسؤولين الأردنيين من الملف السوري «يهدد مصالح الأمة الإسلامية والعربية». وكان لافتاً أن الأردن الذي اعتذر أثناء أوقات سابقة عن استقبال مسؤولين إيرانيين، لم يعلن رسمياً حتى مساء أمس عن زيارة صالحي لعمان، ولم يعلن عنها إلا من خلال وزارة الخارجية الإيرانية. وقال الناطق باسم السفارة الإيرانية لدى المملكة ل «الحياة» إن زيارة صالحي «ستستمر يومين يلتقي خلالهما نظيره الأردني ناصر جودة وجلالة الملك عبدالله الثاني لبحث العلاقات الثنائية، وتطورات المنطقة، والملف السوري». وثمة من يرى أن هذه الزيارة بدت «مفاجئة» للنخب السياسية الإيرانية، وهو ما أشارت إليه مواقع إخبارية عدة داخل طهران. ويبدو أن التكتم الذي جرى كان مقصوداً لمنع أي تحركات من شأنها أن تجهض الزيارة التي لم يعلن مجلس الشورى الإيراني موقفه منها، اذ سبق أن قاد بعض أعضاء هذا المجلس تحركاً مناوئاً لتحسين العلاقات مع الأردن عندما انتشرت إشاعات سياسية عن قرب زيارة العاهل الأردني لطهران. واللافت أن بعض المواقع التي هاجمت الزيارة، مثل موقع «إيران برتو»، ربط بينها وبين ما قال إنها زيارة سرية لمسؤولين إسرائيليين للأردن، وإجرائهم محادثات في عمان. واعتبرت أن الزيارة تتعلق بالمعضلة السورية، والدور الأردني المحتمل كمدخل لعمل عسكري ضد سورية. وقالت مصادر سياسية وديبلوماسية مقربة من مطبخ القرار الأردني ل «الحياة» إن محادثات المسؤولين الإيرانيين والأردنيين «ستركز اساساً على تطورات الوضع السوري، وستبحث مبادرة سياسية تريد إيران مناقشتها لحل الأزمة سيكون للأردن ومصر دور مهم فيها». وأضافت أن صالحي «سينقل رسائل مكتومة لكبار المسؤولين الأردنيين تؤكد ضرورة وقوف المملكة على الحياد من أي دور عسكري ضد النظام السوري، وامتناعها عن تدريب أي قوات تتبع المعارضة السورية، إلى جانب غلق حدودها مع سورية لمنع تسلل المقاتلين الإسلاميين». وأوضحت أن الجانبين سيبحثان خلال اللقاءات الثنائية غير المعلنة عن «نقاط الالتقاء المشتركة، خصوصاً أن هناك قلقاً أردنياً على مستقبل سورية ما بعد (الرئيس بشار) الأسد، ومن صعود تنظيم القاعدة قرب حدود المملكة الشمالية الشرقية». واستبعدت أن تحقق الزيارة أي تطور إيجابي ما لم يقدم المسؤولون الإيرانيون «تنازلات واقعية» تضمن مغادرة الأسد الحكم بطريقة سلسلة قبل نهاية العام. وقال الناطق باسم الحكومة الأردنية السابق، الوزير سميح المعايطة ل «الحياة» إن الأردن «حريص على سماع أي مبادرات يقدمها حلفاء الأسد قد تفضي لحل سياسي، كما أنه يحاول الحصول على إجابات عالقة من هؤلاء». ويتبنى الأردن موقفاً محفوفاً بالمخاطر تجاه نظام الأسد الذي اتهمه غير مرة بإرسال خلايا نائمة إلى أراضيه، كما يخشى صعود مقاتلين إسلاميين في سورية ينظرون إلى الحكم الملكي الهاشمي بعين العداء التي ينظرون بها إلى النظام السوري.