يدشن برنامج «أبلوود تي في» الذي تعرضه القناة الثالثة الهولندية الرسمية، مرحلة جديدة من علاقة التلفزيون بالإنترنت، خصوصاً مع الأفلام التي تعرض على الشبكة العنكبوتية. فبعدما قُدمت قبل سنوات، وعبر شاشات تلفزيونية أوروبية، برامج تعاملت مع الأفلام التي تنشر على الإنترنت كمصدر للمواد الترفيهية فقط، ينضج التلفزيون اليوم في علاقته مع محتوى الإنترنت الفيلمي ليواكب نضوجاً موازياً للأخير، الذي لم يعد العنوان الأبرز لمواده أطفالاً محبوبين وحيوانات تؤدي حركات غريبة مضحكة مثلاً. صارت الشبكة العنكبوتية تقدم محتوى ترفيهياً وتعليمياً لا يمكن إهمال قوته وتأثيره على مئات الملايين حول العالم. يحاول البرنامج التلفزيوني الهولندي الجديد أن يَعزل ويُحلل ظواهر موجودة في مواقع الفيديو الإلكترونية، وأبرزها موقع «يوتيوب» المملوك لشركة غوغل. ويُخصص اهتماماً لظواهر عالمية وأخرى محلية هولندية، وإن كان من الصعب الحديث عن نجاح محلي بَحت على شبكة الإنترنت، فالقنوات الخاصة الناجحة على موقع يوتيوب، تجذب عادة مشاهدين من خارج المناطق الجغرافية التي انطلقت منها، كقناة الشاب الهولندي الذي يقدم نصائح على القيام بتمارين رياضية في البيوت، والذي يتألف معظم جمهوره من الأميركيين. وبسبب هذا الجمهور، صار يَجني مبالغ شهرياً من «يوتيوب»، لم يشأ أن يكشف قيمها، بسبب الاتفاق مع الموقع الإلكتروني بإبقاء التفاصيل المادية سريّة (يدفع «يوتيوب» مبالغ شهرية لأصحاب القنوات الناجحة فيه لحضّهم على الاستمرار في رفد تلك القنوات بالجديد، وهو أمر مهم كثيراً لعوائد الإعلانات التجارية التي يضعها الموقع على أفلام تلك القنوات). اهتم « أبلوود تي في» كثيراً بالمشاريع الفردية الموجودة على يوتيوب، والتي تعززت مع إطلاق خدمة القنوات الخاصة على الموقع (تجمع القناة الواحدة الأفلام التي يضعها المستخدم، ويمكن أن تضم مجموعة حلقات تدور في الفلك ذاته والموضوعة عينها)، معززة بالأرقام عن عدد الزيارات لكل قناة. فالكوميدية الأميركية التي يقدمها البرنامج الهولندي والتي لم تلق نجاحات كبيرة في استعراض ال «ستناد أب»، وجدت ملايين من المشاهدين حول العالم عندما بدأت بتقديم أفلام قصيرة كوميدية. ولأن الكوميديا ما زالت تُهيمن على محتوى الأفلام على شبكة الإنترنت، كان لا بد أن تحضر بقوة في حلقات البرنامج التلفزيوني، وإن أخذت في السنوات الأخيرة أشكالاً متنوعة، وأحياناً برسائل جدية ونقدية. فهناك، مثلاً، كوميدي هولندي من أصل مغربي اختار «يوتيوب» ليقدم فيها سلسلة من التحقيقات الإخبارية التي يغلب عليها الحسّ الفكاهي عن حال أبناء المهاجرين المغاربة في هولندا وبلجيكا. ويركز البرنامج على ظاهرة انتقال مواهب تلفزيونية إلى الإنترنت، فيقدم مجموعة من الكوميديين والفنانين التجريبيين، ممن لم يعد يعنيهم أمر التلفزيون، وملوا من محافظته وهيكليته المعقدة وتكاليف إنتاج برامجه الباهظة، وقرروا أن يطلقوا العنان لجنون مواهبهم على الإنترنت، حيث الرقابات أقل بكثير ولا سقف للحرية الإبداعية، والفنان، ربما للمرة الأولى في تاريخ العمل الفني، قريب في شكل كبير جداً من المتلقي. وللقنوات الخدماتية على موقع «يوتيوب» حصة في البرنامج التلفزيوني الهولندي، إذ يُركز الانتباه على نجاحات نساء عاديات أطلقنّ قبل سنوات قنوات لتقديم نصائح خاصة بالجمال، جذبت خلال أشهر قليلة مئات الآلاف من المتصفحين، وحوّلت صاحبات تلك القنوات إلى وجوه فنية عامة ومُنحنّ شهرة غير متوقعة. يدفع «أبلوود تي في» مشاهديه للمساهمة بتحميل أفلامهم على صفحاته على شبكة الإنترنت، ويُشجعهم على المشاركة في استفتاءاته والتعليق على الموضوعات التي يتناولها في كل حلقة. ويدخل البرنامج بهذا، المنافسة مع مواقع الفيديو الإلكترونية، وكأنه أمر لا بدّ منه في برنامج تلفزيوني يسعى الى اكتشاف «جواهر» و «ظواهر» على الإنترنت، أن يحمل الروح والتركيبة ذاتيهما الخاصة بالموقع الإلكتروني.