قال وزير الخارجية الليبي محمد الدايري ان زيارته فرنسا برفقة رئيس الأركان عبد الرازق الناظوري تستهدف طلب الدعم للجيش الليبي الذي أكد ان الأخير يتولى قيادته، مشيراً الى اعتراف اللواء خليفة حفتر بذلك. وأكد الدايري في حديث الى «الحياة» في باريس امس، سيطرة «فرق جهوية» مسلحة على منشآت النفط. ورأى ان المسلحين الإسلاميين اقوى في غرب ليبيا وليس في شرقها، وأبدى قناعته بأن سيطرتهم على طرابلس دفعت المجتمع الدولي ومجلس الأمن الى التخلي عما وصفه ب «ترك الحبل على غاربه» النهج «الكارثي» الذي اعتمد بعد سقوط معمر القذافي عام 2011. وعن نوعية الدعم الذي تطلبه ليبيا من كل من فرنساوالولاياتالمتحدة، قال الدايري: «نحن نريد اساساً دعماً سياسياً للمسيرة الانتقالية، وهناك مسار (الحوار في مدينة) غدامس الذي يقوده مبعوث الأممالمتحدة برناردينو ليون. ونحن نتطلع الى دعم هذا المسار، لأنه الأوضح على الساحة العربية والدولية لجهة دعم الاستقرار السياسي واستتباب الأمن في ليبيا». وأضاف ان ليون اشار في غدامس مطلع الشهر الجاري، الى «دعائم سنعتمد عليها، اولها مواصلة الحوار وثانيها وقف اطلاق النار وفق آلية تعهد بالعمل على ايجادها». وقال الدايري: «نحن ندرك تماماً ان الحوار يجب ان يكون مع المسلحين، وهذا امر واضح، لكننا نرى ان على المجتمع الدولي ان يؤازر جهود مبعوثه على المسارين السياسي والعسكري. وما نطلبه بالتالي هو الوضوح في هذا الصدد، ودعم المجتمع الدولي ممثلاً بالولاياتالمتحدةوفرنسا». وأكد وزير الخارجية الليبي ان زيارته فرنسا تأتي في اطار سعي حكومته الى «طلب الدعم للجيش الليبي، بصورة أليات وتدريب». وقال: توجهنا سابقاً الى فرنسابريطانيا ومصر والإمارات والأردن، وتم التدريب وهذا يدخل في اطار التعاون». وأضاف: «للأسف، هناك مرحلة انتقالية تحولت كارثية اعتباراً من الأحد 13 تموز (يوليو) نتيجة حرب اهلية في طرابلس وحولها وهي آخذة في التوسع». وأشار الى ان على رغم «الفوضى والإرباك في المشهد الأمني فإن هناك مجلس نواب انتخب على اسس ليبيا الجديدة وهناك توافقاً. صحيح ان هناك مجموعة (من النواب) لم تذهب الى طبرق وهي تمثل المعارضة ونحن ندعوها الى العودة الى الأسرة الليبية والعمل معها على اسس جديدة لا تسمح لفرق جهوية ببيع النفط وبمحاصرة الوزارات في طرابلس والسفارات وفرض اشخاص بالسلاح لتمثيل ليبيا في سفاراتنا في الخارج». وسألته «الحياة» عن تصوره للحل خصوصاً بعد محاولات غير مجدية بذلها المبعوث الدولي السابق طارق متري للحوار بين الليبيين، فقال: «بعد انتهاء مهمة السيد متري نشأ جرح عميق، اتسع ابتداء من يوم الأحد 13 تموز (يوليو) الماضي، اثر انطلاق عملية قسورة في طرابلس» التي سيطرة بموجبها «فجر ليبيا» على العاصمة ومطارها. لكن الوزير الليبي اعرب عن اعتقاده بأن «الحقائق على الأرض تغيرت» بعد هذه العملية، «في ظل شعور متزايد من قبل المجتمع الدولي والعربي بأن ليبيا تركت لحالها بعد (سقوط معمر القذافي) عام 2011 والمجهود العسكري الذي استند في حينه الى التدخل العسكري بناء على القرار 1973». وأضاف: «أنا أشفق على مهمة السيد طارق متري التي تولاها في ظروف صعبة جداً عليه وعلى الشعب الليبي»، مؤكداً ان متري «بذل جهوداً واجتهادات طيبة، لكنه لم يكن يتمتع بالدعم الدولي». واستدلالاً على ان «الحبل ترك على الغارب في ليبيا»، اشار الدايري الى سلسلة احداث بدءاً ب «اغتيال السفير الأميركي لدى ليبيا كريس ستيفنز في ايلول (سبتمبر) 2012 والذي لم يكن مفاجئاً لليبيين الذين كان يسقط منهم ضحايا اسبوعياً في بنغازي، من جنود وشرطة ورجال أمن». وأوضح ان الاغتيالات تصاعدت وصولاً الى «قتل الشهيدة المناضلة سلوى بوقعيقيص في 25 حزيران (يونيو) الماضي، بعدما اصرّت على العودة الى ارض الوطن والمشاركة في الانتخابات، وسبقها المناضل عبد السلام المسماري والصحافي مفتاح ابوزيد وغيرهم من الشرفاء». واعتبر ان التغيير الحاصل في الموقف الدولي، «تجسد بوضوح في قرار مجلس الأمن الرقم 2174» الصادر في آب (اغسطس) الماضي، و«تكرّس» بالبيان الذي صدر عن مجلس الأمن في الثاني من الشهر الجاري، غداة اجتماع غدامس، ونصت احدى فقراته على «تطبيق عقوبات تلحظ تجميد الأموال وحظر السفر على بعض المفسدين الذين لا يريدون خيراً لبلدهم». ورداً على سؤال حول موقفه من تدخل بعض الدول العربية مثل مصر والإمارات وقطر، وهل هذا عامل مساعد ام ان الخلافات العربية دخلت الى الساحة الليبية؟ فأجاب الدايري: «ما من شك للأسف بأن الخلافات العربية ادت الى وجود ساحة معركة سياسية في ليبيا منذ 2011، تصاعدت وتيرتها هذا العام في ظل وجود عمل مسلح وإنكار للشرعية التي يمثلها مجلس النواب» المنعقد في طبرق. وهل هذا العمل المسلح مدعوم من قبل جانب عربي؟ أجاب: «قبل ان اتولى منصبي، كان زملائي اصدروا بياناً بخصوص طائرة عسكرية سودانية تحمل اسلحة الى ليبيا. ومن دواعي سرورنا ان السودان اصدر في الثاني من الشهر الجاري، بياناً يعترف فيه بالشرعية الوحيدة في ليبيا ممثلة بمجلس النواب في طبرق وتضمن دعوة من الرئيس السوداني عمر البشير الى رئيس الوزراء الليبي لزيارة السودان. وهذا يشكل تصحيحاً لبعض التحديات التي واجهناها في الفترة السابقة». وعما يتردد عن تدخل طيران اماراتي ومصري، قال الدايري: «هناك قصف عسكري جوي حصل في طرابلس، لكني لا استطيع ان اؤكد اذا كانت لمصر والإمارات يد في ذلك». الإسلاميون والجيش وسألته «الحياة» عن سبب كون الإسلاميين اكثر قوة من الشرعية في ليبيا، فقال الوزير: «انتم تتحدثون عن غرب ليبيا. ولكنهم ليسوا اقوى في شرق ليبيا او في الجنوب. في غرب ليبيا الجيش الليبي غير موجود لكنه موجود في الشرق باضطراد منذ 4 آب (اغسطس) الماضي (موعد التئام البرلمان)، وذلك بقيادة اللواء عبد الرازق الناظوري (رئيس الأركان). وهناك جهود حثيثة لإعادة تنظيم الصف العسكري في شرق ليبيا». وحرص وزير الخارجية الليبي على تبديد «سوء فهم» يتعلق بقيادة الجيش الليبي، مشيراً الى ان اللواء المتقاعد خليفة حفتر «صرح بأنه يحترم قيادة الناظوري للجيش الليبي، بعد يوم واحد من تعيينه من جانب مجلس النواب». واعتبر الدايري «تجنياً على الواقع التسويق لأن البرلمان موجود في طبرق تحت حماية السيد حفتر». وأضاف ان «عملية الكرامة التي اطلقها حفتر «اصطف حولها العديد من ابناء جنود وضباط الجيش الليبي، لكن بعد استتباب الشرعية في 4 آب الماضي، اصبح لنا جيش في غرب ليبيا وفي شرقها، صحيح ان القوات في الشرق اقوى من الغرب، لكن نحن بصدد اقامة توازن على صعيد وجود الجيش في المنطقتين». لكن الدايري أكد أن «الحل في ليبيا ليس عسكرياً بل سياسياً، ونسعى من خلال لقاءاتنا مع الأشقاء العرب والدول الكبرى مثل الولاياتالمتحدةوفرنسا، ان نؤكد ضرورة ايجاد حل سياسي، من خلال اطار مقبول، لبناء ليبيا الحديثة. ونحن نسعى الى دولة القانون المؤسسات، خصوصاً الجيش والشرطة». النفط وعن رأيه في تأكيد شركات نفط عالمية وجود تواطؤ بين مسلحي مصراتة والزنتان للسيطرة على منشآت تصدير النفط ما اتاح عودة الإنتاج الى 900 الف برميل يومياً، قال الوزير الليبي ان هذا «صحيح وهو جزء من الحال الأمنية السيئة»، رافضاً الدخول في تفاصيل. واكتفى بالإشارة الى أن «الرأي العام الليبي والعربي والعالمي، واكب ما حدث مع السيد ابراهيم جضران الذي كان يريد بيع النفط، وصدر قرار عن دول مجلس امن بالإجماع بما فيها روسيا والصين، بعدم قبول بيع النفط من قبل جهات اخرى غير الحكومة». لكن هل عادت الجماعات المسلحة للسيطرة على بعض منشآت النفط؟ اجاب: «منذ ايلول هناك دخل للدولة الليبية بمعرفة وتسويق مؤسسة النفط الليبية، فليس لدينا وزارة نفط بل مؤسسة النفط، وهناك دخل للدولة وهناك زيادة في الإنتاج ووصلنا الى 900 الف برميل. ونحن نسعى الى دولة القانون لوضع حد للتجاوزات»