رأى الوزير اللبناني السابق طارق متري مبعوث الأممالمتحدة السابق إلى ليبيا، أن المجتمع الدولي والأممالمتحدة اتبعا الحذر بعد قرار المحكمة العليا إبطال برلمان طبرق، لأن قبولهما القرار «يشكل تراجعاً عن موقفهما المؤيد لشرعية هذا المجلس»، ما يؤدي إلى إضعافه. وأكد أن الأممالمتحدة فوجئت بقرار المحكمة الليبية. أتى ذلك في حديث لمتري إلى «الحياة» في باريس أمس، على هامش مشاركته في ندوة حول «التحول الديموقراطي في الربيع العربي» نظمها «برنامج الكويت» في «معهد العلوم السياسية في باريس» الذي يرأسه الدكتور غسان سلامة. وقال متري إن «حكم المحكمة العليا الليبية قانوني شكلياً، واستند إلى أساس صالح وهو أن قرار المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) في آذار (مارس) الماضي، إجراء انتخابات أتى بناء على تعديلات للإعلان الدستوري، كانت تتطلب أكثرية الثلثين ولم يحصل على تلك الأكثرية، ما جعلها غير قانونية في نظر المحكمة، ونزع الشرعية عن مفاعيلها» بما في ذلك الانتخابات. لكن المبعوث الدولي السابق استدرك، قائلاً إن «المشكلة في ليبيا ليست دستورية أو قانونية، إذ يمكن أن تكون لهذا الحكم قيمة رمزية، لكنه لا يغيّر طبيعة المشكلة التي هي مشكلة موازين قوى سياسية وعسكرية». وأشار إلى وجهتي نظر حيال الحكم، إحداهما مفادها أن المحكمة ذاتها اتخذت قراراً بإبطال انتخاب رئيس وزراء من مصراتة (أحمد معيتيق) والكل احترمها لذا يجب احترام حكمها اليوم. أما وجهة النظر الثانية فمفادها أن هذه المحكمة موجودة في طرابلس وتعرضت لضغوط مباشرة من القوى المسيطرة على العاصمة. وأردف: «طبعاً، ليست لدينا أدلة قاطعة على ضغط مورس بحق المحكمة. لكن ردود الفعل من الطرفين توحي بان مواقفهما اصبحت اكثر تصلباً وأكثر بعداً عن الحوار، بغض النظر عما يمكن أن تراه الأممالمتحدة أو فرنسا أو غيرهما، والوصول إلى تسوية سياسية أصبح أصعب». وأوضح أن «في البداية، كان هناك صراع بين الشرعية الانتخابية والشرعية الثورية، أما الآن فيصور الصراع كأنه بين شرعيتين ولم يعد لأي جانب أفضلية في هذا المجال، ما يعقد الأمور بالتأكيد». طبرق لا تريد تقديم شيء وعما يقال إن هذا الوضع يعقد مهمة المبعوث الدولي الحالي برناردينو ليون، قال متري: «طبعاً، فهو كان يراهن بعد حوار غدامس على إمكان بدء الطرفين مناقشة احتمال تسوية سياسية، وكنت أرى في أحاديثي معه من حين إلى آخر، أن هذه الطريقة لن تنجح لأن الذين يسيطرون على طرابلس وأهم المدن الليبية، لن يرضوا بالقليل، وبرلمان طبرق لا يريد تقديم شيء. إذاً، كيف تكون تسوية إذا لم نجد توازناً بين مطالب جهة واستعدادات جهة أخرى للتنازل؟». تنافس فرنسي - بريطاني وعن «اختلاف» في وجهات النظر بين فرنساوبريطانيا والولايات المتحدة، قال متري: «فرنسا تنأى عن التدخل في ليبيا، لأنها ترى أن الأوضاع صعبة والحل بعيد، علماً أنها قلقة من الجماعات المتطرفة في الجنوب (الليبي) وتتخوف من مجموعات إرهابية دخلت إلى ليبيا. في المقابل، تتدخل بريطانيا في كل شيء، حتى في البلديات وتنظيف الشوارع، من دون أن يكون لها تأثير كبير، أما الأميركيون فيعطون انطباعاً أنهم يتدخلون، ولكن همهم الأول هو المواضيع الكبرى مثل النفط، وعندما كان هناك تهريب للنفط أوقفوه». وأضاف: «نشعر بأن هناك نوعاً من تنافس بين فرنساوبريطانيا في ليبيا». مشكلة حفتر وعما يرى لمستقبل ليبيا وهل يتوقع التقسيم، قال: «لا أتوقع تقسيماً، ولكن نوعاً من الجمود لوضع قائم يسيطر فيه كل على منطقته. وأنا لا أرى الليبيين جاهزين للتسوية السياسية، وهناك معارك في بنغازي وما زالت مجموعة طبرق تأمل بأن يسيطر اللواء (خليفة) حفتر على بنغازي كلياً. والولايات المتحدةوبريطانيا في إرباك، فهما تريدان التصدي وإنهاء أنصار الشريعة، وفي الوقت ذاته لا تريدان حفتر». وأوضح متري أن «حفتر يتقدم في بنغازي، ولكن ذلك قد لا يكون نهائياً، لأن الكتائب التي يحاربها سواء كانت تمثل أنصار الشريعة أو ثواراً آخرين، لديها قدرة على خوض حرب عصابات في المدينة. والسيطرة على بنغازي في شكل كامل ونهائي، صعبة جداً وحسم المعركة ليست في متناول اليد. وأعتقد أن الدول الغربية تريد استئصال أنصار الشريعة، ولكنها لا تؤيد حفتر، لذلك تنتظر لترى». أموال الليبيين ورأى متري أن التحدي الحقيقي أيضاً هو الصراع على المصرف المركزي، ف «جماعة طبرق أقالت حاكمه، ولكن قرارها غير شرعي والحاكم موجود في مالطا ويواصل العمل، وهو تكنوقراطي كفوء مرضي عنه من التيار الإسلامي. وهو الآن يحاول التوازن فيسلم الجهتين أموالاً، علماً أن طبرق تتعامل مع نائب الحاكم». وأشار المبعوث الدولي السابق إلى أن «إنتاج النفط انخفض أخيراً من 900 ألف برميل في اليوم إلى 600 ألف، لأن هناك مجموعة مسلحة قريبة من مصراتة احتلت إحدى المنشآت النفطية. والذي كان محتلاً الموانئ من الشرق (إبراهيم جضران)، يسير مع من يعطيه أموالاً أكثر. وسيبقى الكر والفر في هذا الموضوع». لكن متري حذر من أنه «في هذه الاثناء، تنفق ليبيا احتياطها من المال، وإذا استمرت على هذا النهج فستنتهي أموالها في نهاية 2015». وأوضح أن المسؤولين الليبيين «صرفوا حتى الآن نصف احتياطهم المالي أي حوالى 70 بليون دولار، في حين أن سعر النفط إلى انخفاض. ولطالما حذرهم صندوق النقد الدولي من صرف عائدات النفط، لكنهم لا يسمعون».