ربما انطوت روايتا «قوارب جبلية» و «صيد السلمون في اليمن»، على نوع من السخرية القائمة على عدم إمكان ممارسة نشاطات بحرية في منطقة جبلية، بيد أن السلطات اليمنية قطعت أخيراً عالم الخيال بالواقع، إذ أعلنت نشر فريق من الغواصين للعمل في مدينة صنعاء الجبلية التي ترتفع عن سطح البحر 2300 متر! وأفادت مصلحة الدفاع المدني، بأنها خصّصت فريق إنقاذ مكوّناً من أربعة غواصين للعمل في الضاحية الجنوبية للعاصمة صنعاء، حيث يقع «سد كمران» المائي الذي غرق فيه مطلع نيسان (أبريل) الجاري، ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص. ومن بين الغارقين عروسان تركا هاتفهما الخليوي يصور لحظة احتفالهما في الماء، بيد ان الشريط المصوّر تحول الى تراجيديا تجسّد مأساة واقعية بعد نشره على موقع «يوتيوب» وتبادله على نطاق واسع في اليمن. وباتت البحيرة التي غرقا فيها، مادة دسمة لسرد الأساطير والحكايات الخرافية التي تنتشر بين سكان المنطقة، وكلها تزعم بأن البحيرة مسكونة بالجن وأن ثعباناً ضخماً يبتلع من ينزل فيها. ويلقى عشرات اليمنيين حتفهم سنوياً في حوادث غرق، خصوصاً في المناسبات. وخلال عيد الاضحى الماضي، قضى ما لا يقل عن 15 شخصاً في حوادث غرق مماثلة. ويقصد سكان المناطق الجبلية بحيرات السدود والبرك الصغيرة لممارسة هواية السباحة، بعيداً من عيون الناس. وأفادت مصلحة الدفاع المدني اليمني بأن فريق الغوص سيرابط في المنطقة يومياً منذ الثامنة صباحاً وحتى السادسة مساء، لتقديم المساعدة في حال وقوع حوادث. كما سينتشر عدد آخر من الغواصين لاحقاً في بقية السدود التي تشهد توافداً من جانب المواطنين. وكانت السيول التي شهدتها اليمن أخيراً، أودت بحياة ما لا يقل عن 10 أشخاص. ويُرجع متخصصون ارتفاع حوادث الغرق الى التوغّل في أماكن عميقة من البحيرات وعدم إجادة كثير من الضحايا السباحة. ويعتبر مراقبون أن المحرّمات التي يرفضها المجتمع اليمني المحافظ وعاداته وتقاليده، تحضّ الأسر على السباحة في الاماكن الخالية والبعيدة، كي تأخذ راحتها. لكن هذه الأماكن لا يتوافر فيها عادة منقذون، ما يؤدي أحياناً الى غرق جميع أفراد الأسرة الباحثة عن خصوصية لا يمنحها إياها المجتمع.