هاجم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس «العلماء القاعدين عن مواجهة التكفير»، واعتبر التصدي ل»الطائفية» أكثر أهمية من «محاربة» جيوش الاحتلال، فيما دعا نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي الى اتخاذ موقف «ممن يحاول التفريق». إلى ذلك، يسعى الوقفان السنّي والشيعي الى إحياء مبادرتهما التي أطلقاها الأسبوع الماضي لرعاية اجتماع القادة السياسيين. وقال المالكي ان «العلماء القاعدين يؤخذ عليهم سكوتهم وعدم اتخاذ أي موقف من الموجة الطائفية، ومن الفتاوى التكفيرية التي بدأت تنتشر في بلدان الأمة» (الاسلامية). واضاف خلال المؤتمر الاسلامي الدولي للحوار والتقريب المنعقد في بغداد إن «الاحتلال بجيوشه سيطر على بلداننا الاسلامية قروناً من الزمن، ولم يكن أخطر من آفة الطائفية. سيطروا علينا وأخرجناهم وسنخرجهم، ولكن الطائفية إذا انتشرت لا يمكن اخراجها. ولو أن الخلاف بين مذاهب المسلمين فكرياً لما كان لدينا قلق ولكن البعض حوله الى قنابل وتفخيخ وتفجير، ومن يقوم بذلك يعتقد انه سيتغدى مع رسول الله». وزاد: «ما يعمّق الطائفية انها عندما تنشب يركبها السياسيون الطامعون. وهي تتحول بسرعة الى تقسيم، وهذا ما نراه في العراق والدول الاسلامية التي تعيش الطائفية، وليت التقسيم يتحقق من دون مزيد من الدماء ولكنه لا يتحقق الا بأنهار من الدماء». ولفت المالكي إلى «ما نسمعه من بعض الفضائيات التي تبث سمومها للتفكيك والتنظير للطائفية والتفرقة من خلال نبش الماضي الذي لا ينفع في مستقبلنا». وقال ان «اوربا قد اختلفت في قضايا التاريخ ولكنها سرعان ما تجاوزته ومضت في التقدم». وشدّد على ان «الطائفية شر ورياحها نتنة ولا تحتاج إلى اجازة عبور بين البلدان، واذا اشتعلت في منطقة ستشتعل في الاخرى ولن نتمكن من السيطرة عليها». واضاف أن «انعقاد المؤتمر في الزمان والمكان الحالي له أهمية في ظل الاوضاع الصعبة التي تمر بها الدول العربية والاسلامية، فالزمان هو انفجار الخلافات الطائفية في عدد من الدول، والمكان هو بغداد التي تعرضت لهجمة طائفية عمياء وتمكنت من تجاوزها بلحمة ابنائها». من جهته، دعا نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي الى اتخاذ موقف قانوني من كل من «يهدف الى التفرقة في الأمة وشق وحدة الصف والوقوف في وجه التكفيريين لأنهم مصدر الفتنة والتفرقة». وقال: «اننا بأمس الحاجة الى الحوار العملي بين المذاهب الاسلامية وطوائفهم واستبعاد التعصب واسباب الفرقة والخلاف من خلال التواصل بين علماء الدين وطرح النظريات في مجالات الحياتية التي تمس الانسان بصورة مباشرة». واضاف ان «الحوار الذي ندعوإليه يجب ان يحتكم بالدرجة الاساس الى القران الكريم من خلال المفاهيم الدينية الرصينة التي جاء بها وان نجعل من التاريخ معلماً لنا في البحث عن الاخطاء التي ارتكبت في الماضي وليس سبباً للخلاف والفرقة». وأكد الخزاعي ان «الخطر الكبير يأتي من منابر المتعصبين وكذلك من خلال القنوات الفضائية التي تروّج لهم والتي ترتبط باجندات خارجية». من جهة أخرى، أعلن رئيس ديوان الوقف الشيعي صالح الحيدري امس طرح مبادرة جديدة بالاتفاق مع ديوان الوقف السنّي لاحتواء الازمة التي تمر بها البلاد والتي تصاعدت وتيرتها عقب اقتحام الجيش ساحة الاعتصام في الحويجة الاسبوع الماضي. وقال الحيدري في اتصال مع «الحياة» إن «الوقفين الشيعي والسنّي جددا دعوة الأطراف السياسية إلى الاجتماع في جامع ام القرى للتباحث في الازمة التي تمر بها البلاد حالياً بعد عن اعتذرت هذه الجهات عن الحضور يوم الجمعة الماضي». وبيّن انه ورئيس ديوان الوقف السنّي أحمد عبدالغفور السامرائي سيعقدان «لقاءات مع قادة الكتل السياسية والاحزب للبحث في الازمة وتهدئة الاجواء وتحديد موعد الاجتماع». واضاف: «نريد ان نعكس صورة للجميع بأن ما في بعض ساحات الاعتصام من اصوات منكرة طائفية تتهجم على الشيعة بأن هؤلاء السنّة براء منهم وهم يمثلون القاعدة والتكفيريين وعملاء دول خارجية». ورجح مراقبون ان يكون السبب وراء تجاهل دعوة الوقفين هو بحث القوى السياسية حالياً مبادرة رئيس البرلمان اسامة النجيفي التي دعا اليها خلال اجتماعه مع القيادي في التحالف الشيعي زعيم منظمة هادي العامري. وقال النجيفي في بيان انه سلم العامري مبادرة ليعرضها على التحالف الوطني، تضمنت نقطتين أساسيتين، الأولى تتلخص في الانسحاب الكلي والفوري لقوات الجيش والشرطة الاتحادية من داخل المدن التي تشهد أوضاعًا متأزمة، والتمركز خارج حدودها الإدارية وتسليم الملف الأمني لقوات الشرطة المحلية وإلى محافظي تلك المدن. أما النقطة الثانية فتتلخص في ضمان تحقيق إجراءات قضائية عادلة ونزيهة للوصول إلى الجناة في قضية مجزرة الحويجة، على أن تقدم القضية إلى محكمة الإستئناف في كركوك حصراً.