أدت الاشتباكات العنيفة التي شهدتها منطقة القصير على الحدود السورية مع لبنان إلى التسبب بنزوح اكثر من 450 سورياً وصلوا امس، إلى منطقة وادي خالد (شمال لبنان) بعدما عبروا الحدود إلى بلدة عرسال ومنها إلى وادي خالد. وكانت الدعوات إلى الجهاد إلى جانب المعارضة المسلحة السورية التي اطلقها الشيخان اللبنانيان احمد الأسير (من صيدا) وسالم الرافعي (من طرابلس)، على خلفية مشاركة «حزب الله» في القتال إلى جانب الجيش النظامي، أثارت المزيد من ردود الفعل اللبنانية. وفي مقدمة المستنكرين امس، رئيس الجمهورية ميشال سليمان، في وقت اعلن المنسق السياسي والإعلامي في «الجيش السوري الحر» لؤي المقداد في اتصال هاتفي مع «فرانس برس» رفض «أي دعوة للجهاد وأي وجود للمقاتلين الأجانب من أي مكان أتوا»، مذكراً ب «أننا قلنا مراراً ما ينقصنا السلاح وليس الرجال». ودعا سليمان إلى «عدم السماح بإرسال أسلحة أو مقاتلين إلى سورية، وعدم السماح بإقامة قواعد تدريب داخل لبنان»، ولفت في موقف وزعه المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري إلى أن «ذلك ليس فقط التزاماً وتطبيقاً ل»إعلان بعبدا» وسياسة عدم التدخل في الشأن السوري، ولكن أيضاً لتحصين الوحدة الوطنية اللبنانية وتجنيب العيش المشترك أي اهتزاز أو اضطراب». ورأى رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط في تصريح أن «الأحداث السياسية المتلاحقة تثبت يوماً بعد يوم أهمية سياسة النأي بالنفس التي أطلقها الرئيس (حكومة تصريف الأعمال) نجيب ميقاتي وتعرض لانتقادات هائلة بسببها، وتحمل ما لا يحتمل في هذه المجال. فكل التحية لجهوده الاستثنائية في مرحلة شديدة الحرج في لبنان، خصوصاً أنها تزامنت مع اندلاع الثورة السورية، ونتمنى على المقاومة التي قدمت المئات من الشهداء في سبيل تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي وحققت انتصاراً تاريخياً، أن تعيد تصويب بندقيتها في هذا الاتجاه دون سواه». واعتبر أن «انغماس بندقية المقاومة في دعم نظام قام بكل ما قام به من مجازر بحق المدنيين والأبرياء وقصف للمدن والقرى وسجن مئات الآلاف من المعتقلين، من شأنه أن يشوه المسيرة النضالية لهذه المقاومة ويبدد الرصيد السياسي والشعبي الذي راكمته، ويفرغ كل منجزاتها التاريخية من محتواها في سبيل تقديم العون لنظام مصيره الحتمي الزوال عاجلاً أم آجلاً. وإذا كانت الدعوة موجهة لحزب الله للامتناع عن المشاركة في القتال في سورية، فإن الدعوات المقابلة للجهاد في سورية مرفوضة بدورها، ونتلاقى مع الموقف المهم الذي أعلنه الرئيس سعد الحريري، ذلك أن هذه الدعوات وذاك القتال من شأنهما تأجيج الاحتقان الداخلي اللبناني من دون إحداث تغيير يذكر في الداخل السوري». وأكد «أن هذه الدعوات تصب في خدمة النظام السوري الذي لطالما امتهن استخدام ما يسمى «القاعدة» لتبرير حربه على شعبه. وندين بشدة خطف المطرانين بولس يازجي ويوحنا إبراهيم وندعو لإطلاقهما فوراً».ولفت إلى «أن الشعب السوري ليس في حاجة إلى جهاديين من لبنان أو الخارج». وقال: «كم هو مخز مشهد ذاك الرجل المسن في طرابلس الذي تم التنكيل به في شوارع المدينة، وهي ظاهرة مستنكرة، وتوحي أننا ننزلق تدريجاً نحو شريعة الغاب». وفي حاصبيا، دعت «الجماعة الإسلامية» وتيار «المستقبل» بعد لقاء مشترك «رجال الدين الذين دعوا إلى الجهاد في سورية إلى التعقل والتروي في أخذ الفتاوى الشرعية كونها خطوة تخدم النظام السوري و«حزب الله» وإيران في توسيع الهوة بين المذاهب».وشجبوا «مشاركة حزب الله في القتال داخل سورية إلى جانب النظام الأسدي الفاشي». استنكار الخطف وتوالت لليوم الثاني مواقف الإدانة اللبنانية لمواصلة خطف المطرانين يازجي وإبراهيم في حلب. واتصل النائب السابق لرئيس مجلس الوزراء عصام فارس ببطريرك الروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي وبقادة روحيين وزمنيين مؤكداً «أن خطفهما انتهاك صارخ للمقدسات وللرموز الدينية وطعنة في صميم مسيرة طويلة من العيش المشترك الأخوي بين مسيحيي الشرق الأوسط ومسلميه. وانتهاك هذه المسيرة السلمية لا يخدم سوى أعداء المنطقة».